باب تحريم تلقى الجلب
 
( باب تحريم تلقى الجلب [ 1517 ] قوله ( ان رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى أن يتلقى السلع حتى تبلغ الأسواق ) وفي رواية نهى عن التلقى وفي رواية نهى عن تلقى البيوع وفي رواية أن يتلقى الجلب وفي رواية لا تلقوا الجلب فمن تلقى فاشترى منه فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار وفي رواية نهى أن يتلقى الركبان )
(10/162)

قوله صلى الله عليه و سلم أتى سيده أى مالكه البائع وفى هذه الأحاديث تحريم تلقى الجلب وهو مذهب الشافعى ومالك والجمهور وقال أبو حنيفة والأوزاعى يجوز التلقى اذا لم يضر بالناس فإن اضر كره والصحيح الأول للنهى الصريح قال أصحابنا وشرط التحريم أن يعلم النهى عن التلقى ولو لم يقصد التلقى بل خرج لشغل فاشترى منه ففي تحريمه وجهان لأصحابنا وقولان لأصحاب مالك أصحهما عند أصحابنا التحريم لوجود المعنى ولو تلقاهم وباعهم ففي تحريمه وجهان وإذا حكمنا بالتحريم فاشترى صح العقد قال العلماء وسبب التحريم ازالة الضرر عن الجالب وصيانته ممن يخدعه قال الامام أبو عبد الله المازرى فإن قيل المنع من بيع الحاضر للبادى سببه الرفق بأهل البلد واحتمل فيه غبن البادى والمنع من التلقى أن لا يغبن البادى ولهذا قال صلى الله عليه و سلم فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار فالجواب أن الشرع ينظر في مثل هذه المسائل إلى مصلحة الناس والمصلحة تقتضى أن ينظر للجماعة على الواحد لا للواحد على الواحد فلما كان البادى اذا باع بنفسه انتفع جميع أهل السوق واشتروا رخيصا فانتفع به جميع سكان البلد نظر الشرع لأهل البلد على البادى ولما كان فى التلقى انما ينتفع المتلقى خاصة وهو واحد فى قبالة واحد لم يكن فى اباحة التلقى مصلحة لا سيما وينضاف إلى ذلك علة ثانية وهى لحوق الضرر بأهل السوق فى انفراد المتلقى عنهم بالرخص وقطع المواد عنهم وهم أكثر من المتلقى فنظر الشرع لهم عليه فلا تناقض بين المسألتين بل هما متفقتان فى الحكمة والمصلحة والله اعلم وأما قوله صلى الله عليه و سلم فإذا أتى سيده السوق فهو بالخيار قال أصحابنا لا خيار للبائع قبل أن يقدم ويعلم السعر فإذا قدم فإن كان الشراء بأرخص من سعر البلد ثبت له الخيار سواء أخبر المتلقى بالسعر كاذبا أم لم يخبر وإن كان الشراء بسعر البلد أو أكثر فوجهان الأصح لا خيار له لعدم الغبن والثانى ثبوته لاطلاق الحديث والله أعلم قوله ( أخبرنى هشام القردوسى ) هو بضم القاف والدال وإسكان الراء بينهما منسوب إلى القراديس قبيلة معروفة والله أعلم
(10/163)