باب من باع نخلا عليها تمر
 
( باب من باع نخلا عليها تمر [ 1543 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( من باع نخلا قد أبرت فثمرتها للبائع الا أن يشترط المبتاع ) قال أهل اللغة يقال أبرت النخل آبره أبرا بالتخفيف كأكلته أكلا وأبرته بالتشديد أؤبره تأبيرا كعلمته أعلمه تعليما وهو أن يشق طلع النخلة ليذر فيه شئ من طلع ذكر النخل والابار هو شقه )
(10/190)

سواء حط فيه شيء أولا ولو تأبرت بنفسها أى تشققت فحكمها فى البيع حكم المؤبرة بفعل الآدمى هذا مذهبنا وفى هذا الحديث جواز الأبار للنخل وغيره من الثمار وقد أجمعوا على جوازه وقد اختلف العلماء فى حكم بيع النخل المبيعة بعد التأبير وقبله هل تدخل فيها الثمرة عند اطلاق بيع النخلة من غير تعرض للثمرة بنفى ولا اثبات فقال مالك والشافعى والليث والأكثرون ان باع النخلة بعد التأبير فثمرتها للبائع الا أن يشترطها المشترى بأن يقول اشتريت النخلة بثمرتها هذه وإن باعها قبل التأبير فثمرتها للمشترى فإن شرطها البائع لنفسه جاز عند الشافعى والاكثرين وقال مالك لا يجوز شرطها للبائع وقال أبو حنيفة هي للبائع قبل التأبير وبعده عند الاطلاق وقال بن أبى ليلى هي للمشترى قبل التأبير وبعده فأما الشافعى والجمهور فأخذوا فى المؤبرة بمنطوق الحديث وفي غيرها بمفهومه وهو دليل الخطاب وهو حجة عندهم وأما أبو حنيفة فأخذ بمنطوقة فى المؤبرة وهو لا يقول بدليل الخطاب فألحق غير المؤبرة بالمؤبرة واعترضوا عليه بأن الظاهر يخالف المستتر فى بيع حكم التبعية فى البيع كما أن الجنين يتبع الام فى البيع ولا يتبعها الولد المنفصل وأما بن أبى ليلى فقوله باطل منابذ لصريح السنة ولعله لم يبلغه الحديث والله أعلم قوله صلى الله عليه و سلم ( ومن ابتاع عبدا فماله للذى باعه الا أن يشترط المبتاع ) هكذا روى هذا الحكم البخارى ومسلم من رواية سالم عن أبيه عن بن عمر ولم تقع هذه الزيادة فى حديث نافع عن بن عمر ولا يضر ذلك فسالم ثقة بل هو أجل من نافع فزيادته مقبولة وقد اشار النسائى والدارقطنى إلى ترجيح رواية نافع وهذه اشارة مردودة وفى هذا الحديث دلالة لمالك وقول الشافعى القديم أن العبد اذا ملكه سيده مالا ملكه لكنه اذا باعه بعد ذلك كان
(10/191)

ماله للبائع الا أن يشترط المشترى لظاهر هذا الحديث وقال الشافعى فى الجديد وأبو حنيفة لا يملك العبد شيئا أصلا وتأولا الحديث على أن المراد أن يكون في يد العبد شئ من مال السيد فأضيف ذلك المال إلى العبد للاختصاص والانتفاع لا للملك كما يقال جل الدابة وسرج الفرس والا فإذا باع السيد العبد فذلك المال للبائع لأنه ملكه الا ان يشترطه المبتاع فيصح لأنه يكون قد باع شيئين العبد والمال الذي في يده بثمن واحد وذلك جائز قالا ويشترط الاحتراز من الربا قال الشافعى فإن كان المال دراهم لم يجز بيع العبد وتلك الدراهم بدراهم فكذا ان كان دنانير لم يجز بيعها بذهب وإن كان حنطة لم يجز بيعها بحنطة وقال مالك يجوز أن يشترط المشترى وإن كان دراهم والثمن دراهم وكذلك في جميع الصور لاطلاق الحديث قال وكأنه لا حصة للمال من الثمن وفى هذا الحديث دليل للأصح عند أصحابنا أنه اذا باع العبد أو الجارية وعليه ثيابه لم تدخل فى البيع بل تكون للبائع الا أن يشترطها المبتاع لأنه مال فى الجملة وقال بعض أصحابنا تدخل وقال بعضهم يدخل ساتر العورة فقط والأصح أنه لا يدخل ساتر العورة ولا غيره لظاهر هذا الحديث ولأن اسم العبد لا يتناول الثياب والله أعلم