باب النهى عن المحاقلة والمزابنة عن المخابرة وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها وعن بيع المعاومة
 
( باب النهى عن المحاقلة والمزابنة عن المخابرة وبيع الثمرة ( قبل بدو صلاحها وعن بيع المعاومة وهو بيع السنين ) أما المحاقلة والمزابنة وبيع الثمرة قبل بدو صلاحها فسبق بيانها فى الباب الماضى وأما المخابرة فهي )
(10/192)

والمزارعة متقاربتان وهما المعاملة على الأرض ببعض ما يخرج منها من الزرع كالثلث والربع وغير ذلك من الأجزاء المعلومة لكن فى المزارعة يكون البذر من مالك الأرض وفى المخابرة يكون البذر من العامل هكذا قاله جمهور أصحابنا وهو ظاهر نص الشافعى وقال بعض أصحابنا وجماعة من أهل اللغة وغيرهم هما بمعنى قالوا والمخابرة مشتقة من الخبر وهو الأكار أى الفلاح هذا قول الجمهور وقيل مشتقة من الخبار وهى الأرض اللينة وقيل من الخبرة وهى النصيب وهى بضم الخاء وقال الجوهرى قال ابو عبيد هي النصيب من سمك أو لحم يقال تخبروا خبرة اذا اشتروا شاة فذبحوها واقتسموا لحمها وقال بن الاعرابى مأخوذة من خيبر لأن أول هذه المعاملة كان فيها وفى صحة المزارعة والمخابرة خلاف مشهور للسلف وسنوضحه فى باب بعده ان شاء الله تعالى وأما النهى عن بيع المعاومة وهو بيع السنين فمعناه أن يبيع ثمر الشجرة عامين أو ثلاثة أو أكثر فيسمى بيع المعاومة وبيع السنين وهو باطل بالإجماع نقل الإجماع فيه بن المنذر وغيره لهذه الأحاديث ولأنه بيع غرر لأنه بيع معدوم ومجهول غير مقدور على تسليمه وغير مملوك للعاقد والله أعلم [ 1536 ] قوله ( نهى عن بيع الثمر حتى يبدو صلاحه ولا يباع إلا بالدينار والدرهم إلا العرايا ) معناه لا يباع الرطب بعد بدو صلاحه بتمر بل يباع بالدينار والدرهم وغيرهما والممتنع إنما هو بيعه
(10/193)

بالتمر إلا العرايا فيجوز بيع الرطب فيها بالتمر بشرطه السابق فى بابه قوله ( نهى عن بيع الثمرة حتى تطعم ) هو بضم التاء وكسر العين أى يبدو صلاحها وتصير طعاما يطيب أكلها قوله ( نهى وأن يشترى النخل حتى يشقه والاشقاه أن يحمر أو يصفر ) وفي رواية حتى تشقح بالحاء هو بضم التاء واسكان الشين فيهما وتخفيف القاف ومنهم من فتح الشين في تشقه وهما جائزان تشقه وتشقح ومعناهما واحد ومنهم من أنكر تشقه وقال المعروف بالحاء والصحيح جوازهما وقيل ان الهاء بدل من الحاء كما قالوا مدحه ومدهه وقد فسر الراوى الاشقاه والاشقاح بالاحمرار والاصفرار قال أهل اللغة ولا يشترط في ذلك حقيقة الإصفرار والاحمرار بل ينطلق عليه هذا
(10/194)

الاسم اذا تغير يسيرا إلى الحمرة أو الصفرة قال الخطابى الشقحة لون غير خالص الحمرة أو الصفرة بل هو تغير اليهما في كمودة قوله ( سليم بن حيان ) بفتح السين وحيان بالمثناة وسعيد بن ميناء بالمد والقصر قوله ( نهى عن الثنيا ) هي استثناء والمراد الاستثناء في البيع وفي رواية الترمذى وغيره بإسناد صحيح نهى عن الثنيا الا أن يعلم والثنيا المبطلة للبيع قولة بعتك هذه الصبرة الا بعضها وهذه الأشجار أو الأغنام أو الثياب ونحوها إلا بعضها فلا يصح البيع لان المستثنى مجهول فلو قال بعتك هذه الأشجار إلا هذه الشجرة أو هذه الشجرة إلا ربعها أو الصبرة إلا ثلثها أو بعتك بألف إلا درهما وما أشبه ذلك من الثنيا المعلومة صح البيع بإتفاق العلماء ولو باع الصبرة إلا صاعا منها فالبيع باطل عند الشافعى وأبى حنيفة وصحح مالك أن يستثنى منها ما لا يزيد على ثلثها أما اذا باع ثمرة نخلات فاستثنى من ثمرها عشرة آصع مثلا للبائع فمذهب الشافعى وأبى حنيفة والعلماء كافة بطلان البيع وقال مالك وجماعة من علماء المدينة يجوز ذلك ما لم يزد على قدر ثلث الثمرة قوله ( حدثنا أبو الوليد المكى عن جابر ) وفي رواية أخرى سعيد بن ميناء عن جابر قال بن أبي حاتم أبو الوليد هذا اسمه يسار قال عبد الغنى هذا غلط انما هو سعيد بن ميناء المذكور باسمه في الرواية الأخرى وقد بينه البخارى في تاريخه
(10/195)



الموضوع التالي


باب كراء الارض