باب وضع الجوائح
 
( باب وضع الجوائح [ 1554 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( لو بعت من أخيك ثمرا فأصابته جائحة فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا بم تأخذ مال أخيك بغير حق ) وفى رواية عن أنس أن النبى صلى الله عليه و سلم نهى عن بيع النخل حتى تزهو فقلنا لأنس مازهوها قال تحمر وتصفر أرأيتك ان منع الله الثمرة بم تستحل مال أخيك وفي رواية عن أنس أن النبى صلى الله عليه و سلم قال ان لم يثمرها الله فبم يستحل أحدكم مال أخيه وعن جابر أن النبى صلى الله عليه و سلم أمر بوضع الجوائح وعن أبى سعيد قال أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم في ثمار ابتاعها فكثر دينه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم تصدقوا عليه فتصدق الناس عليه فلم يبلغ ذلك وفاء دينه فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم لغرمائه خذوا ما وجدتم وليس لكم الا ذلك اختلف العلماء في الثمرة اذا بيعت بعد بدو الصلاح وسلمها البائع إلى المشترى بالتخلية بينه وبينها ثم تلفت قبل أوان الجذاذ بآفة سماوية هل تكون من ضمان البائع أو المشترى فقال الشافعى في أصح قوليه وأبو حنيفة والليث بن سعد وآخرون هي في ضمان المشترى ولا يجب وضع الجائحة لكن يستحب وقال الشافعى في القديم وطائفة هي في ضمان البائع ويجب وضع الجائحة وقال مالك إن كانت دون الثلث لم يجب وضعها وإن كانت الثلث فأكثر وجب وضعها وكانت من ضمان البائع واحتج القائلون )
(10/216)

بوضعها بقوله أمر بوضع الجوائح وبقوله صلى الله عليه و سلم فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئا ولأنها في معنى الباقية في يد البائع من حيث انه يلزمه سقيها فكأنها تلفت قبل القبض فكانت من ضمان البائع واحتج القائلون بأنه لا يجب وضعها بقوله في الرواية الأخرى في ثمار ابتاعها فكثر دينه فأمر النبى صلى الله عليه و سلم بالصدقه عليه ودفعه إلى غرمائه فلو كانت توضع لم يفتقر إلى ذلك وحملوا الأمر بوضع الجوائح على الاستحباب أو فيما بيع قبل بدو الصلاح وقد أشار في بعض هذه الروايات التى ذكرناها إلى شئ من هذا وأجاب الأولون عن قوله فكثر دينه إلى آخره بأنه يحتمل أنها تلفت بعد أوان الجذاذ وتفريط المشترى في تركها بعد ذلك على الشجر فإنها حينئذ تكون من ضمان المشترى قالوا ولهذا قال صلى الله عليه و سلم في آخر الحديث ليس لكم إلا ذلك ولو كانت الجوائح لا توضع لكان لهم طلب بقية الدين وأجاب الآخرون عن هذا بأن معناه ليس لكم الآن إلا هذا ولا تحل لكم مطالبته مادام معسرا بل ينظر إلى ميسرة والله أعلم وفي
(10/217)

الرواية الأخيرة التعاون على البر والتقوى ومواساة المحتاج ومن عليه دين والحث على الصدقة عليه وأن المعسر لا تحل مطالبته ولا ملازمته ولا سجنه وبه قال الشافعى ومالك وجمهورهم وحكى عن بن شريح حبسه حتى يقضى الدين وإن كان قد ثبت اعساره وعن أبى حنيفة ملازمته وفيه أن يسلم إلى الغرماء جميع مال المفلس ما لم يقض دينهم ولا يترك للمفلس سوى ثيابه ونحوها وهذا المفلس المذكور قيل هو معاذ بن جبل رضى الله عنه قوله ( حدثنى محمد بن عباد حدثنا عبد العزيز بن محمد عن حميد عن أنس أن النبى صلى الله عليه و سلم قال ان لم يثمرها الله فبم يستحل أحدكم مال أخيه قال الدارقطنى هذا وهم من محمد بن عباد أو من عبد العزيز في حال إسماعه محمدا لأن إبراهيم بن حمزة سمعه من عبد العزيز مفصولا مبينا أنه من كلام أنس وهو الصواب وليس من كلام النبى صلى الله عليه و سلم فأسقط محمد بن عباد كلام النبى صلى الله عليه و سلم وأتى بكلام أنس وجعله مرفوعا وهو خطأ [ 1554 ] قوله ( قال أبو إسحاق حدثنى عبد الرحمن بن بشر عن سفيان بهذا ) أبو إسحاق هذا هو إبراهيم بن محمد بن سفيان روى هذا الكتاب عن مسلم ومراده أنه علا برجل فصار في رواية هذا الحديث كشيخه مسلم بينه وبين سفيان بن عيينة واحد فقط والله أعلم
(10/218)