باب جواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه متفاضلا
 
( باب جواز بيع الحيوان بالحيوان من جنسه متفاضلا [ 1602 ] قوله ( جاء عبد فبايع النبي صلى الله عليه و سلم على الهجرة ولم يشعر أنه عبد فجاء سيده يريده فقال له النبي صلى الله عليه و سلم بعنيه فاشتراه بعبدين أسودين ثم لم يبايع أحدا بعد حتى يسأله أعبد هو ) هذا محمول على أن سيده كان مسلما ولهذا باعه بالعبدين الأسودين والظاهر أنهما كانا مسلمين ولا يجوز بيع العبد المسلم لكافر ويحتمل أنه كان كافرا أو أنها كانا كافرين ولا بد من ثبوت ملكه للعبد الذي بايع على الهجرة أما بينة وأما بتصديق العبد قبل اقراره بالحرية وفيه ما كان عليه النبي صلى الله عليه و سلم من مكارم الأخلاق والاحسان العام فإنه كره أن يرد ذلك العبد خائبا بما قصده من الهجرة وملازمة الصحبة فاشتراه ليتم له ما أراد وفيه جواز بيع عبد بعبدين سواء كانت القيمة متفقة أو مختلفة وهذا مجمع عليه إذا بيع نقدا وكذا حكم سائر الحيوان فإن باع عبدا بعبدين أو بعيرا ببعيرين إلى أجل فمذهب الشافعي والجمهور جوازه وقال أبو حنيفة والكوفيون لا يجوز وفيه مذاهب لغيرهم والله أعلم )
باب الرهن وجوازه في الحضر كالسفر في الباب حديث عائشة رضي الله عنها ( أن النبي صلى الله عليه و سلم اشترى من يهودي طعاما
(11/39)

إلى أجل ورهنه درعا له من حديد ) فيه جواز معاملة أهل الذمة والحكم بثبوت املاكهم على مافي أيديهم وفيه بيان ما كان عليه النبي صلى الله عليه و سلم من التقلل من الدنيا وملازمة الفقر وفيه جواز الرهن وجواز رهن آلة الحرب عند أهل الذمة وجواز الرهن في الحضر وبه قال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأحمد والعلماء كافة الا مجاهدا وداود فقالا لا يجوز الا في السفر تعلقا بقوله تعالى وإن كنتم على سفر ولم تجدوا كاتبا فرهان مقبوضة واحتج الجمهور بهذا الحديث وهو مقدم على دليل خطاب الآية وأما اشتراء النبي صلى الله عليه و سلم الطعام من اليهودي ورهنه عنده دون الصحابة فقيل فعله بيانا لجواز ذلك وقيل لأنه لم يكن هناك طعام فاضل عن حاجة صاحبه الا عنده وقيل لأن الصحابة لا يأخذون رهنه صلى الله عليه و سلم ولا يقبضون منه الثمن فعدل إلى معاملة اليهودي لئلا يضيق على أحد من أصحابه وقد أجمع المسلمون على جواز معاملة أهل الذمة وغيرهم من الكفار إذا لم يتحقق تحريم ما معه لكن لا يجوز للمسلم أن يبيع أهل الحرب سلاحا وآلة حرب ولا يستعينون به في اقامة دينهم ولا بيع مصحف ولا العبد المسلم لكافر مطلقا والله أعلم
(11/40)