باب السلم
 
( باب السلم قال أهل اللغة يقال السلم والسلف وأسلم وسلم وأسلف وسلف ويكون السلف أيضا قرضا ويقال استسلف قال أصحابنا ويشترك السلم والقرض في أن كلا منهما اثبات مال في الذمة بمبذول في الحال وذكروا في حد السلم عبارات أحسنها أنه عقد على موصوف في الذمة ببذل يعطى عاجلا سمى سلما لتسليم رأس المال في المجلس وسمى سلفا لتقديم رأس المال وأجمع المسلمون على جواز السلم [ 1604 ] قوله صلى الله عليه و سلم من سلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم إلى أجل معلوم ) فيه جواز السلم وأنه يشترط أن يكون قدره معلوما بكيل أو وزن أو غيرهما مما يضبط به فإن كان مذروعا كالثوب اشترط ذكر ذرعان معلومة وإن كان معدودا كالحيوان اشترط ذكر عدد معلوم ومعنى الحديث أنه أن أسلم في مكيل فليكن كيله معلوما وإن كان في موزون فليكن وزنا معلوما وإن كان مؤجلا فليكن أجله معلوما ولا يلزم من هذا اشتراط كون السلم مؤجلا بل يجوز حالا لأنه إذا جاز مؤجلا مع الغرر فجراز الحال أولى لأنه أبعد من الغرر وليس ذكر الأجل في الحديث لاشتراط الأجل بل معناه إن كان أجل فليكن معلوما كما أن الكيل ليس بشرط بل يجوز السلم في الثياب بالذرع وإنما ذكر الكيل بمعنى أنه أن أسلم في مكيل فليكن كيلا معلوما أو في موزون فليكن وزنا معلوما وقد اختلف العلماء في جواز السلم الحال مع اجماعهم على جواز المؤجل فجوز الحال الشافعي وآخرون ومنعه مالك وأبو حنيفة وآخرون وأجمعوا على اشتراط وصفه بما يضبط به قوله صلى الله عليه و سلم ( من سلف في تمر فليسلف في كيل معلوم ووزن معلوم ) هكذا هو في أكثر الأصول تمر بالمثناة وفي بعضها ثمر )
(11/41)

بالمثلثة وهو أعم وهكذا في جميع النسخ ووزن معلوم بالواو لا بأو ومعناه أن اسلم كيلا أو وزنا فليكن معلوما وفيه دليل لجواز السلم في المكيل وزنا وهو جائز بلا خلاف وفي جواز السلم في الموزون كيلا وجهان لأصحابنا أصحهما جوازه كعكسه قوله ( حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة واسماعيل بن سالم جميعا عن بن عيينه ) هكذا هو في نسخ بلادنا عن بن عيينة وكذا وقع في رواية أبي أحمد الجلودي ووقع في رواية بن ماهان عن مسلم عن شيوخه هؤلاء الثلاثة عن بن علية وهو إسماعيل بن إبراهيم قال أبو علي الغساني وآخرون من الحفاظ والصواب رواية بن ماهان قالوا ومن تأمل الباب عرف ذلك قال القاضي لأن مسلما ذكر أولا حديث بن عيينه عن بن أبي نجيح وفيه ذكر الأجل ثم ذكر حديث عبد الوارث عن بن أبي نجيح وليس فيه ذكر الأجل ثم ذكر حديث بن علية عن بن أبي نجيح وقال بمثل حديث عبد الوارث ولم يذكر إلى أجل معلوم ثم ذكر حديث سفيان الثوري عن بن أبي نجيح وقال بمثل حديث بن عيينة يذكر فيه الأجل
(11/42)