باب الشفعة
 
( باب الشفعة [ 1608 ] قوله ( صلى الله عليه و سلم من كان له شريك في ربعة أو نخل فليس له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن رضى أخذ وان كره ترك ) وفي رواية قضى رسول الله صلى الله عليه و سلم بالشفعة في كل شركة لم تقسم ربعة أو حائط لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن شاء أخذ وإن شاء ترك فإذا باع ولم يؤذنه فهو أحق به وفي رواية قال رسول الله صلى الله عليه و سلم الشفعة في كل شرك في أرض أو ربع أو حائط لا يصلح أن يبيع حتى يعرض على شريكه فيأخذ أو يدع فإن أبى فشريكه أحق به حتى يؤذنه قال أهل اللغة الشفعة من شفعت الشيء إذا ضممته وثنيته ومنه شفع الأذان وسميت شفعة لضم نصيب إلى نصيب والربعة والربع بفتح الراء واسكان الباء والربع الدار والمسكن ومطلق الأرض وأصله المنزل الذي كانوا يرتبعون فيه والربعة تأنيث الربع وقيل واحدة والجمع الذي هو اسم الجنس ربع كثمرة وتمر واجمع المسلمون على ثبوت الشفعة للشريك في العقار مالم يقسم قال العلماء الحكمة في ثبوت الشفعة إزالة الضرر عن الشريك وحصت بالعقار لأنه أكثر الأنواع ضررا واتفقوا على أنه لا شفعة في الحيوان والثياب والأمتعة وسائر المنقول قال القاضي وشذ بعض الناس فأثبت الشفعة في العروض وهي )
(11/45)

رواية عن عطاء وتثبت في كل شئ حتى في الثوب وكذا حكاها عنه بن المنذر وعن أحمد رواية أنها تثبت في الحيوان والبناء المنفرد وأما المقسوم فهل تثبت فيه الشفعة بالجواز فيه خلاف مذهب الشافعي ومالك وأحمد وجماهير العلماء لا تثبت بالجوار وحكاه بن المنذر عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان وسعيد بن المسيب وسليمان بن يسار وعمر بن عبد العزيز والزهري ويحيى الأنصاري وأبي الزياد وربيعة ومالك والأوزاعي والمغيرة بن عبد الرحمن وأحمد واسحاق وأبي ثور وقال أبو حنيفة والثوري تثبت بالجوار والله أعلم واستدل أصحابنا وغيرهم بهذا الحديث على أن الشفعة لا تثبت إلا في عقار محتمل للقسمة بخلاف الحمام الصغير والرحى ونحو ذلك واستدل به أيضا من يقول بالشفعة فيما لا يحتمل القسمة وأما قوله صلى الله عليه و سلم فمن كان له شريك فهو عام يتناول المسلم والكافر والذمي فتثبت للذمي الشفعة على المسلم كما تثبت للمسلم على الذمي هذا قول الشافعي ومالك وأبي حنيفة والجمهور وقال الشعبي والحسن وأحمد رضي الله عنهم لا شفعة للذمي على المسلم وفيه ثبوت الشفعة للأعرابي كثبوتها للمقيم في البلدويه قال الشافعي والثوري وأبو حنيفة وأحمد واسحاق وبن المنذر والجمهور وقال الشعبي لا شفعة لمن لا يسكن بالمصر وأما قوله صلى الله عليه و سلم فليس له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فإن رضي أخذ وان كره ترك وفي الرواية الأخرى لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن شريكه فهو محمول عند أصحابنا على الندب إلى اعلامه وكراهة بيعه قبل اعلامه كراهة تنزيه وليس بحرام ويتأولون الحديث على هذا ويصدق على المكروه أنه ليس بحلال ويكون الحلال بمعنى المباح وهو مستوى الطرفين والمكروه ليس بمباح مستوى الطرفين بل هو راجح الترك واختلف العلماء فيما لو أعلم الشريك
(11/46)

بالبيع فأذن فيه فباع ثم أراد الشريك أن يأخذ بالشفعة فقال الشافعي ومالك وأبو حنيفة واصحابهم وعثمان البتي وبن أبي ليلى وغيرهم له أن يأخذ بالشفعة وقال الحكم والثورى وأبو عبيد وطائفة من أهل الحديث ليس له الأخذ وعن أحمد روايتان كالمذهبين والله أعلم