باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة
 
( باب كراهة تفضيل بعض الأولاد في الهبة [ 1623 ] قوله ( عن النعمان بن بشير أن أباه أتى به رسول الله صلى الله عليه و سلم فقال أني نحلت ابني هذا غلاما كان لي فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم أكل ولدك نحلته مثل هذا فقال لا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم فارجعه ) وفي رواية قال فاردده وفي رواية فقال له رسول الله صلى الله عليه و سلم أفعلت هذا بولدك كلهم قال لا قال اتقوا الله واعدلوا في أولادكم قال فرجع أبي فرد تلك الصدقة وفي رواية قال فلا تشهدني إذا فإني لا أشهد على جور وفي رواية لا تشهدني على جور )
(11/65)

وفي رواية قال فأشهد على هذا غيري وفي رواية قال فإني لا أشهد وفي رواية قال فليس يصلح هذا وأني لا أشهد إلا على حق أما قوله نحلت فمعناه وهبت وفي هذا الحديث أنه ينبغي أن يسوى بين أولاده في الهبة ويهب لكل واحد منهم مثل الآخر ولا يفضل ويسوى بين الذكر والانثى وقال بعض أصحابنا يكون للذكر مثل حظ الأنثيين والصحيح المشهور أنه يسوي بينهما لظاهر الحديث فلو فضل بعضهم أو وهب لبعضهم دون بعض فمذهب الشافعي ومالك وأبي حنيفة أنه مكروه وليس بحرام والهبة صحيحة وقال طاوس وعروة ومجاهد والثوري وأحمد واسحاق وداود هو حرام واحتجوا برواية لا أشهد على جور وبغيرها من ألفاظ الحديث واحتج الشافعي وموافقوه بقوله صلى الله عليه و سلم فأشهد على هذا غيري قالوا ولو كان حراما أو باطلا لما قال هذا الكلام فإن قيل قاله تهديدا قلنا الاصل في كلام الشارع غير هذا ويحتمل عند اطلاقه صيغة أفعل على الوجوب أو الندب فإن تعذر ذلك فعلى الاباحة وأما قوله صلى الله عليه و سلم
(11/66)

لا أشهد على جور فليس فيه أنه حرام لأن الجور هو الميل عن الاستواء والاعتدال وكل ما خرج عن الاعتدال فهو جور سواءكان حراما أو مكروها وقد وضح بما قدمناه أن قوله صلى الله عليه و سلم أشهد على هذا غيري يدل على أنه ليس بحرام فيجب تأويل الجور على أنه مكروه كراهة تنزيه وفي هذا الحديث أن هبة بعض الأولاد دون بعض صحيحة وأنه أن لم يهب الباقين مثل هذا استحب رد الأول قال أصحابنا يستحب أن يهب الباقين مثل الأول فإن لم يفعل استحب رد الأول ولا يجب وفيه جواز رجوع الوالد في هبته للولد والله أعلم قوله ( سألت أباه بعض الموهوبة ) هكذا هو في معظم النسخ وفي بعضها بعض الموهبة وكلاهما صحيح وتقدير الأول بعض الأشياء الموهوبة قوله ( فالتوي بها سنة ) أي مطلها
(11/67)

قوله صلى الله عليه و سلم ( قاربوا بين أولادكم ) قال القاضي رويناه قاربوا بالباء من المقاربة وبالنون من القران ومعناهما صحيح أي سووا بينهم في أصل العطاء وفي قدره قولها ( انحل [ 1624 ] ابني غلامك ) هو بفتح الحاء يقال نحل ينحل كذهب يذهب