كتاب الله القصاص
 
( كتاب الله القصاص ) أي حكم كتاب الله وجوب القصاص في السن وهو قوله والسن بالسن وأما قوله والله لا يقتص منها فليس معناه رد حكم النبي صلى الله عليه و سلم بل المراد به الرغبة إلى مستحق القصاص أن يعفو وإلى النبي صلى الله عليه و سلم في الشفاعة إليهم في العفو وإنما حلف ثقة بهم أن لا يحنثوه أو ثقة بفضل الله ولطفه أن لا يحنثه بل يلهمهم العفو وأما قوله صلى الله عليه و سلم أن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره معناه لا يحنثه لكرامته عليه وفي هذا الحديث فوائد منها 1 جواز الحلف فيما يظنه الإنسان ومنها جواز الثناء على من لا يخاف الفتنة بذلك وقد سبق بيان هذا مرات 2 ومنها استحباب العفو عن القصاص 3 ومنها إستحباب الشفاعة في العفو 4 ومنها أن الخيرة في القصاص والدية إلى مستحقه لا إلى المستحق عليه
(11/163)

5 - ومنها إثبات القصاص بين الرجل والمرأة وفيه ثلاثة مذاهب أحدها مذهب عطاء والحسن انه لا قصاص بينهما في نفس ولا طرف بل تتعين دية الجناية تعلقا بقوله تعالى والأنثى بالأنثى الثاني وهو مذهب جماهير العلماء من الصحابة والتابعين فمن بعدهم ثبوت القصاص بينهما في النفس وفيما دونها مما يقبل القصاص واحتجوا بقوله تعالى النفس بالنفس إلى آخرها وهذا وإن كان شرعا لمن قبلنا وفي الاحتجاج به خلاف مشهور للأصوليين فإنما الخلاف إذا لم يرد شرعنا بتقريره وموافقته فإن ورد كان شرعا لنا بلا خلاف وقد ورد شرعنا بتقريره في حديث أنس هذا والله أعلم والثالث وهو مذهب أبي حنيفة وأصحابه يجب القصاص بين الرجال والنساء في النفس ولا يجب فيما دونها ومنها وجوب القصاص في السن وهو مجمع عليه إذا أقلها كلها فإن كسر بعضها ففيه وفي كسر سائر العظام خلاف مشهور للعلماء والأكثرون على أنه لا قصاص والله أعلم