باب نقص الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور
 
( باب نقص الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور [ 1718 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( من أحدث في أمرنا هذا ماليس منه فهو رد ) وفي الرواية الثانية من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد قال أهل العربية الرد هنا بمعنى المردود ومعناه فهو باطل غير معتد بة وهذا الحديث قاعدة عظيمة من قواعد الإسلام وهو من جوامع كلمه صلى الله عليه و سلم فإنه صريح في رد كل البدع والمخترعات وفي الرواية الثانية زيادة وهي أنه قد يعاند بعض الفاعلين في بدعة سبق إليها فإذا احتج عليه بالرواية الأولى يقول أنا ما أحدثت شيئا فيحتج عليه بالثانية التي فيها التصريح برد كل المحدثات سواء أحدثها الفاعل أو سبق باحداثها وفي هذا الحديث دليل لمن يقول من الأصوليين أن النهي يقتضي الفساد ومن قال لا يقتضي الفساد يقول هذا خبر واحد ولا يكفي في اثبات هذه القاعدة المهمة وهذا جواب فاسد وهذا الحديث مما ينبغي حفظه واستعماله في ابطال المنكرات واشاعة الاستدلال به )
باب بيان خير الشهود [ 1719 ] قوله في اسناد حديث الباب ( حدثنا يحيى بن يحيى قال قرات على مالك عن عبد الله بن أبي
(12/16)

بكر عن ابيه عن عبد الله بن عمرو بن عثمان عن بن أبي عمرة الأنصاري عن زيد بن خالد الجهني ) هذا الحديث فيه أربعة تابعيون بعضهم عن بعض وهم عبد الله وأبوه وعبد الله بن عمرو بن عثمان وبن أبي عمرة وإسم بن أبي عمرة عبد الرحمن بن عمرو بن محصن الأنصاري قوله صلى الله عليه و سلم [ 1719 ] ( ألا أخبركم بخير الشهداء الذي يأتي بشهادته قبل أن يسئلها ) وفي المراد بهذا الحديث تأويلان أصحهما وأشهرهما تأويل مالك وأصحاب الشافعي أنه محمول على من عنده شهادة لإنسان بحق ولا يعلم ذلك الإنسان أنه شاهد فيأتي إليه فيخبره بأنه شاهد له والثاني أنه محمول على شهادة الحسبة وذلك في غير حقوق الآدميين المختصة بهم فما تقبل فيه شهادة الحسبة الطلاق والعتق والوقف والوصايا العامة والحدود ونحو ذلك فمن علم شيئا من هذا النوع وجب عليه رفعه إلى القاضي واعلامه به والشهادة قال الله تعالى وأقيموا الشهادة لله وكذا في النوع الأول يلزم من عنده شهادة لإنسان لا يعلمها أن يعلمه إياها لأنها أمانة له عنده وحكى تأويل ثالث أنه محمول على المجاز والمبالغة في أداء الشهادة بعد طلبها لا قبله كما يقال الجواد يعطي قبل السؤال أي يعطي سريعا عقب السؤال من غير توقف قال العلماء وليس في هذا الحديث مناقضة للحديث الآخر في ذم من يأتي بالشهادة قبل أن يستشهد في قوله صلى الله عليه و سلم يشهدون ولا يستشهدون وقد تأول العلماء هذا تأويلات اصحها تأويل أصحابنا أنه محمول على من معه شهادة لآدمي عالم بها فيأتي فيشهد بها قبل أن تطلب منه والثاني أنه محمول على شاهد الزور فيشهد بما لا أصل له ولم يستشهد والثالث أنه محمول على من ينتصب شاهدا وليس هو من أهل الشهادة والرابع أنه محمول على من يشهد لقوم بالجنة أو بالنار من غير توقف وهذا ضعيف والله أعلم
(12/17)