باب جواز الخداع في الحرب
 
( باب جواز الخداع في الحرب [ 1739 ] [ 1740 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( الحرب خدعة ) فيها ثلاث لغات مشهورات اتفقوا على أن أفصحهن خدعة بفتح الخاء واسكان الدال قال ثعلب وغيره وهي لغة النبي صلى الله عليه و سلم والثانية بضم الخاء واسكان الدال والثالثة بضم الخاء وفتح الدال واتفق العلماء على جواز خداع الكفار في الحرب وكيف أمكن الخداع إلا أن يكون فيه نقض عهد أو أمان فلا يحل وقد صح في الحديث جواز الكذب في ثلاثة أشياء أحدها في الحرب قال الطبري إنما يجوز من الكذب في الحرب المعاريض دون حقيقة الكذب فإنه لا يحل هذا كلامه والظاهر إباحة حقيقة نفس الكذب لكن الاقتصار على التعريض أفضل والله أعلم )
باب كراهة تمني لقاء العدو والأمر بالصبر عند اللقاء [ 1741 ] قوله صلى الله عليه و سلم [ 1742 ] ( لا تمنوا لقاء العدو وإذا لقيتموهم فاصبروا ) وفي الرواية الأخرى لا تتمنوا لقاء العدو واسألوا الله العافية فإذا لقيتموهم فاصبروا واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف إنما نهى عن تمنى لقاء العدو لما فيه من صورة الاعجاب والاتكال على النفس والوثوق بالقوة وهو نوع بغى وقد ضمن الله تعالى لمن بغى عليه أن ينصره ولأنه يتضمن قلة الإهتمام
(12/45)

بالعدو واحتقاره وهذا يخالف الاحتياط والحزم وتأوله بعضهم على النهي عن التمني في صورة خاصة وهي إذا شك في المصلحة فيه وحصول ضرر وإلا فالقتال كله فضيلة وطاعة والصحيح الأول ولهذا تممه صلى الله عليه و سلم بقوله صلى الله عليه و سلم واسألوا الله العافية وقد كثرت الأحاديث في الأمر بسؤال العافية وهي من الألفاظ العامة المتناولة لدفع جميع المكروهات في البدن والباطن في الدين والدنيا والآخرة اللهم إني أسألك العافية العامة لي ولأحبائي ولجميع المسلمين وأما قوله صلى الله عليه و سلم ( وإذا لقيتموهم فاصبروا ) فهذا حث على الصبر في القتال وهو آكد أركانه وقد جمع الله سبحانه آداب القتال في قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فاثبتوا واذكروا الله كثيرا لعلكم تفلحون وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين ولا تكونوا كالذين خرجوا من ديارهم بطرا ورئاء الناس ويصدون عن سبيل الله وأما قوله صلى الله عليه و سلم واعلموا أن الجنة تحت ظلال السيوف فمعناه ثواب الله والسبب الموصل إلى الجنة عند الضرب بالسيوف في سبيل الله ومشى المجاهدين في سبيل الله فاحضروا فيه بصدق واثبتوا قوله في هذا الحديث ( أن النبي صلى الله عليه و سلم انتظر حتى مالت الشمس قام فيهم فقال يا أيها الناس إلى آخره ) وقد جاء في غير هذا الحديث أنه صلى الله عليه و سلم كان إذا لم يقاتل أول النهار انتظر حتى تزول الشمس قال العلماء سببه أنه أمكن للقتال فإنه وقت هبوب الريح ونشاط النفوس وكلما طال ازدادوا نشاطا واقداما على عدوهم وقد جاء في صحيح البخاري آخر حتى تهب الأرواح وتحضر الصلاة قالوا وسببه
(12/46)

فضيلة أوقات الصلوات والدعاء عندها قوله ( ثم قام النبي صلى الله عليه و سلم فقال اللهم منزل الكتاب ومجرى السحاب وهازم الاحزاب اهزمهم وانصرنا عليهم ) فيه استحباب الدعاء عند اللقاء والاستنصار والله أعلم قوله ( عن أبي النضر عن كتاب رجل من الصحابة قال الدارقطني هو حديث صحيح قال واتفاق البخاري ومسلم على روايته حجة في جواز العمل بالمكاتبة والإجازة وقد جوزوا العمل بالمكاتبة والإجازة وبه قال جماهير العلماء من أهل الحديث والأصول والفقه ومنعت طائفة الرواية بها وهذا غلط والله أعلم