باب قتل أبي جهل
 
( باب قتل أبي جهل قوله صلى الله عليه و سلم [ 1800 ] ( من ينظر إلينا ما صنع أبو جهل ) سبب السؤال عنه أن يعرف أنه مات ليستبشر المسلمون بذلك وينكف شره عنهم قوله ( ضربه ابنا عفراء حتى برك ) هكذا هو في بعض النسخ برك بالكاف وفي بعضها برد بالدال فمعناه بالكاف سقط إلى الأرض وبالدال مات يقال برد إذا مات قال القاضي رواية الجمهور برد ورواه بعضهم بالكاف قال والأول هو المعروف هذا كلام القاضي واختار جماعة محققون الكاف وأن ابني عفراء تركاه عفيرا وبهذا كلم بن مسعود كما ذكره مسلم وله معه كلام آخر كثير مذكور في غير مسلم وبن مسعود هو الذي أجهز عليه واحتز رأسه قوله ( وهل فوق رجل قتلتموه ) أي لا عار علي في قتلكم إياي قوله ( لو غير أكار قتلني ) الأكار الزراع والفلاح وهو عند العرب ناقص وأشار أبو جهل إلى ابني عفراء اللذين قتلاه وهما من الأنصار وهم أصحاب زرع ونخيل ومعناه لو كان الذي قتلني غير أكار لكان أحب إلى وأعظم لشأني ولم يكن علي نقص في ذلك )
باب قتل كعب بن الأشرف طاغوت اليهود [ 1801 ] ذكر مسلم فيه قصة محمد بن مسلمة مع كعب بن الأشرف بالحيلة التي ذكرها من مخادعته واختلف العلماء في سبب ذلك وجوابه فقال الإمام المازري إنما قتله كذلك لأنه نقض عهد النبي
(12/160)

صلى الله عليه و سلم
( وهجاه وسبه وكان عاهده أن لا يعين عليه أحدا ثم جاء مع أهل الحرب معينا عليه قال وقد أشكل قتله على هذا الوجه على بعضهم ولم يعرف الجواب الذي ذكرناه قال القاضي قيل هذا الجواب وقيل لأن محمد بن مسلمة لم يصرح له بأمان في شيء من كلامه وإنما كلمه في أمر البيع والشراء واشتكى إليه وليس في كلامه عهد ولا أمان قال ولا يحل لأحد أن يقول أن قتله كان غدرا وقد قال ذلك إنسان في مجلس علي بن أبي طالب رضي الله عنه فأمر به علي فضرب عنقه وإنما يكون الغدر بعد أمان موجود وكان كعب قد نقض عهد النبي صلى الله عليه و سلم ولم يؤمنه محمد بن مسلمة ورفقته ولكنه استأنس بهم فتمكنوا منه من غير عهد ولا أمان وأما ترجمة البخاري على هذا الحديث بباب الفتك في الحرب فليس معناه الحرب بل الفتك هو القتل على غرة وغفلة والغيلة نحوه وقد استدل بهذا الحديث بعضهم على جواز اغتيال من بلغته الدعوة من الكفار وتبييته من غير دعاء إلى الإسلام قوله ( ائذن لي فلأقل ) معناه ائذن لي أن أقول عني وعنك ما رأيته مصلحة من التعريض وغيره ففيه دليل على جواز التعريض وهو أن يأتي بكلام باطنه صحيح ويفهم منه المخاطب غير ذلك فهذا جائز في الحرب وغيرها مالم يمنع به حقا شرعيا قوله ( وقد عنانا ) هذا من التعريض الجائز بل المستحب لأن معناه في الباطن أنه أدبنا بآداب الشرع التي فيها تعب لكنه تعب في مرضات الله تعالى فهو محبوب لنا والذي فهم المخاطب منه العناء الذي ليس بمحبوب قوله ( وأيضا والله لتملنه ) هو بفتح التاء والميم أي يتضجرن منه أكثر من )
(12/161)

هذا الضجر قوله ( يسب بن أحدنا فيقال رهن في وسقين من تمر ) هكذا هو في الروايات المعروفة في مسلم وغيره يسب بضم الياء وفتح السين المهملة من السب وحكى القاضي عن رواية بعض رواة كتاب مسلم يشب بفتح الياء وكسر الشين المعجمة من الشباب والصواب الأول والوسق بفتح الواو وكسرها وأصله الحمل قوله ( نرهنك اللأمة ) هي بالهمز وفسرها في الكتاب بأنها السلاح وهو كما قال قوله ( وواعده أن يأتيه بالحارث وأبو عبس بن جبر وعباد بن بشر ) أما الحارث فهو الحارث بن أوس بن أخي سعد بن عبادة وأما أبو عبس فاسمه عبد الرحمن وقيل عبد الله والصحيح الأول وهو جبر بفتح الجيم واسكان الباء كما ذكره في الكتاب ويقال بن جابر وهو أنصارى من كبار الصحابة شهد بدرا وسائر المشاهد وكان اسمه في الجاهلية عبد العزى وهو وقع في معظم النسخ وأبو عبس بالواو وفي بعضها وأبي عيس بالياء وهذا ظاهر والأول صحيح أيضا ويكون معطوفا على الضمير في يأتيه قوله ( كأنه صوت دم أي صوت طالب أو سوط سافك دم ) هكذا فسروه قوله ( فقال إنما هذا محمد ورضيعه وأبو نائلة ) هكذا هو في جميع النسخ قال القاضي رحمه الله تعالى قال لنا شيخنا القاضي الشهيد صوابه أن يقال إنما هو محمد ورضيعه أبو نائلة وكذا ذكر أهل السير أن أبا نائلة كان رضيعا لمحمد بن مسلمة ووقع في صحيح البخاري ورضيعى أبو نائلة قال وهذا عندي له وجه أن صح أنه كان رضيعا لمحمد والله أعلم
(12/162)