باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن ( وفي كل حال وتحريم الخروج من الطاعة ومفارقة الجماعة )
 
( باب وجوب ملازمة جماعة المسلمين عند ظهور الفتن ( وفي كل حال وتحريم الخروج من الطاعة ومفارقة الجماعة ) قوله [ 1847 ] ( قلت يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر فجاءنا الله بهذا الخير فهل بعد هذا الخير شر قال نعم فقلت فهل بعد ذاك الشر من خير قال نعم وفيه دخن ) قال أبو عبيد وغيره الدخن بفتح الدال المهملة والخاء المعجمة أصله أن تكون في لون الدابة كدورة إلى سواد قالوا والمراد )
(12/236)

هنا أن لا تصفو القلوب بعضها لبعض ولا يزول خبثها ولا ترجع إلى ما كانت عليه من الصفا قال القاضي قيل المراد بالخير بعد الشر أيام عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قوله بعده تعرف منهم وتنكر المراد الأمر بعد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه قوله صلى الله عليه و سلم ( ويهتدون بغير هديي ) الهدى الهيئة والسيرة والطريقة قوله صلى الله عليه و سلم ( دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها ) قال العلماء هؤلاء من كان من الأمراء يدعو إلى بدعة أو ضلال آخر كالخوارج والقزامطة وأصحاب المحنة وفي حديث حذيفة هذا لزوم جماعة المسلمين وإمامهم ووجوب طاعته وإن فسق وعمل المعاصي من أخذ الأموال وغير ذلك فتجب طاعته في غير معصية وفيه معجزات لرسول الله صلى الله عليه و سلم وهي هذه الأمور التي أخبر بها وقد وقعت كلها قوله ( عن أبي سلام قال قال حذيفة بن اليمان ) قال الدارقطني هذا عندي مرسل لأن أبا سلام لم يسمع حذيفة وهو كما قال الدارقطني لكن المتن صحيح متصل بالطريق
(12/237)

الأول وإنما أتى مسلم بهذا متابعة كما ترى وقد قدمنا في الفصول وغيرها أن الحديث المرسل إذا روى من طريق آخر متصلا تبينا به صحة المرسل وجاز الاحتجاج به ويصير في المسألة حديثان صحيحان [ 1848 ] قوله ( عن أبي قيس بن رياح ) هو بكسر الراء وبالمثناة وهو زياد بن رياح القيسي المذكور في الأسناد بعده وقاله البخاري بالمثناة وبالموحدة وقاله الجماهير بالمثناة لا غير قوله صلى الله عليه و سلم ( من فارق الجماعة مات ميتة جاهلية ) هي بكسر الميم أي على صفة موتهم من حيث هم فوضى لا إمام لهم قوله صلى الله عليه و سلم ( ومن قاتل تحت راية عمية ) هي بضم العين وكسرها لغتان مشهورتان والميم مكسورة مشددة والياء مشددة أيضا قالوا هي الأمر الأعمى لا يستبين وجهه كذا قاله أحمد بن حنبل والجمهور قال إسحاق بن راهوية هذا كتقاتل القوم للعصبية قوله صلى الله عليه و سلم ( يغضب لعصبة أو يدعو إلى عصبة أو ينصر عصبة ) هذه الألفاظ الثلاثة بالعين والصاد المهملتين هذا هو الصواب المعروف في نسخ بلادنا وغيرها وحكى القاضي عن رواية العذري بالغين والضاد المعجمتين
(12/238)

في الألفاظ الثلاثة ومعناها أنه يقاتل لشهوة نفسه وغضبه لها ويؤيد الرواية الأولى الحديث المذكور بعدها يغضب للعصبة ويقاتل للعصبة ومعناه إنما يقاتل عصبية لقومه وهواه قوله صلى الله عليه و سلم ( ومن خرج على أمتي يضرب برها وفاجرها ولا يتحاشى من مؤمنها وفي بعض النسخ يتحاشى بالياء ومعناه لا يكترث بما يفعله فيها ولا يخاف وباله
(12/239)

وعقوبته [ 1851 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( من خلع يدا من طاعة لقى الله تعالى يوم القيامة ) لا حجة له ) أي لاحجة له في فعله ولا عذر له ينفعه
(12/240)