باب فضل الجهاد والخروج فى سبيل الله
 
( باب فضل الجهاد والخروج فى سبيل الله )
[ 1876 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( تضمن الله لمن خرج فى سبيله لا يخرجه إلا جهادا إلى قوله أن أدخله
(13/19)

الجنة ) وفى الرواية الاخرى تكفل الله ومعناهما أوجب الله تعالى له الجنة بفضله وكرمه سبحانه وتعالى وهذا الضمان والكفالة موافق لقوله تعالى إن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة الآية قوله سبحانه وتعالى ( لا يخرجه إلا جهادا فى سبيلى ) هكذا هو فى جميع النسخ جهادا بالنصب وكذا قال بعده وإيمانا بي وتصديقا وهو منصوب على أنه مفعول له وتقديره لا يخرجه المخرج ويحركه المحرك الا للجهاد والايمان والتصديق قوله ( لا يخرجه إلا جهادا فى سبيلى وإيمانا بى وتصديقا برسلى ) معناه لا يخرجه إلا محض الايمان والاخلاص لله تعالى قوله فى الرواية الأخرى ( وتصديق كلمته ) أى كلمة الشهادتين وقيل تصديق كلام الله فى الاخبار بما للمجاهد من عظيم ثوابه قوله تعالى ( فهو على ضامن ) ذكروا فى ضامن هنا وجهين أحدهما أنه بمعنى مضمون كماء دافق ومدفوق والثانى أنه بمعنى ذو ضمان قوله تعالى ( أن أدخله الجنة ) قال القاضي يحتمل أن يدخل عند موته كما قال تعالى فى الشهداء أحياء عند ربهم يرزقون
(13/20)

وفى الحديث أرواح الشهداء فى الجنة قال ويحتمل أن يكون المراد دخوله الجنة عند دخول السابقين والمقربين بلا حساب ولا عذاب ولا مؤاخذة بذنب وتكون الشهادة مكفرة لذنوبه كما صرح به فى الحديث الصحيح قوله ( أو أرجعه إلى مسكنه نائلا ما نال من أجر أو غنيمة ) قالوا معناه ما حصل له من الأجر بلا غنيمة ان لم يغنم أو من الاجر والغنيمة معا ان غنموا وقيل ان أو هنا بمعنى الواو أى من أجر وغنيمة وكذا وقع بالواو في رواية أبى داود وكذا وقع فى مسلم فى رواية يحيى بن يحيى التى بعد هذه بالواو ومعنى الحديث أن الله تعالى ضمن أن الخارج للجهاد ينال خيرا بكل حال فاما أن يستشهد فيدخل الجنة وإما أن يرجع بأجر وإما أن يرجع بأجر وغنيمة قوله صلى الله عليه و سلم ( والذى نفس محمد بيده مامن كلم يكلم فى سبيل الله الا جاء يوم القيامة كهيئته حين كلم لونه لون دم وريحه مسك ) أما الكلم بفتح الكاف واسكان اللام فهو الجرح ويكلم باسكان الكاف أى يجرح وفيه دليل على أن الشهيد لايزول عنه الدم بغسل ولاغيره والحكمة فى مجيئة يوم القيامة على هيئته أن يكون معه شاهد فضيلته وبذله نفسه فى طاعة الله تعالى وفيه دليل على جواز اليمين وانعقادها بقوله والذى نفسى بيده ونحو هذه الصيغة من الحلف بما يدل على الذات ولا خلاف فى هذا قال أصحابنا اليمين تكون بأسماء الله تعالى وصفاته أو ما دل على ذاته قال القاضي واليد هنا
(13/21)

بمعنى القدرة والملك قوله ( والذى نفس محمد بيده لولا أن يشق على المسلمين ما قعدت خلاف سرية تغزو فى سبيل الله ) أى خلفها وبعدها وفيه ما كان عليه صلى الله عليه و سلم من الشفقة على المسلمين والرأفة بهم وأنه كان يترك بعض ما يختاره للرفق بالمسلمين وأنه اذا تعارضت المصالح بدأ بأهمها وفيه مراعاة الرفق بالمسلمين والسعى فى زوال المكروه والمشقة عنهم قوله ( لوددت أن أغزو فى سبيل الله فأقتل ثم أغزو فأقتل ثم أغزو فأقتل ) فيه فضيلة الغزو والشهادة وفيه تمنى الشهادة والخير وتمنى ما لايمكن فى العادة من الخيرات وفيه أن الجهاد فرض كفاية لافرض عين قوله صلى الله عليه و سلم ( والله أعلم بمن يكلم فى سبيله ) هذا تنبيه على الاخلاص فى الغزو وأن الثواب المذكور فيه انما هو لمن أخلص فيه وقاتل لتكون كلمة الله هي العليا قالوا وهذا الفضل وان كان ظاهره أنه فى قتال الكفار فيدخل فيه من خرج فى سبيل الله فى قتال البغاة وقطاع الطريق وفى اقامة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ونحو ذلك والله أعلم قوله صلى الله عليه و سلم ( وجرحه يثعب هو ) بفتح الياء والعين واسكان المثلثة بينهما ومعناه يجرى متفجرا أى كثيرا وهو بمعنى الرواية الأخرى يتفجر دما قوله صلى الله عليه و سلم ( تكون يوم القيامة كهيئتها اذا طعنت ) الضمير فى كهيئتها يعود على الجراحة وإذا طعنت بالألف بعد الذال كذا فى جميع النسخ قوله صلى الله عليه و سلم ( والعرف عرف المسك ) هو
(13/22)

بفتح العين المهملة واسكان الراء وهو الريح