( باب فضل الشهادة فى سبيل الله تعالى )
 
[ 1877 ] قوله ( حدثنا أبو خالد الأحمر عن شعبة عن قتادة وحميد عن أنس ) قال أبو على الغسانى ظاهر هذا الاسناد أن شعبة ترويه عن قتادة وحميد جميعا عن أنس قال وصوابه أن أبا خالد يرويه عن حميد عن أنس ويرويه أبو خالد أيضا عن شعبة عن قتادة عن أنس قال وهكذا قاله عبد الغنى بن سعيد قال القاضي فيكون حميد معطوفا على شعبة لا على قتادة قال وقد ذكره بن أبى شيبة فى كتابه عن أبى خالد عن حميد وشعبة عن قتادة عن أنس فبينه وان كان فيه أيضا ايهام فان ظاهره أن حميدا يرويه عن قتادة وليس المراد كذلك بل المراد أن
(13/23)

حميدا يرويه عن أنس كما سبق قوله صلى الله عليه و سلم ( مامن نفس تموت لها عند الله خير يسرها أنها ترجع إلى الدنيا ولاأن لها الدنيا وما فيها الاالشهيد إلى آخره ) هذا من صرائح الأدلة فى عظيم فضل الشهادة والله المحمود المشكور وأما سبب تسميته شهيدا فقال النضر بن شميل لأنه حى فان أرواحهم شهدت وحضرت دار الاسلام وأرواح غيرهم انما تشهدها يوم القيامة وقال بن الأنبارى ان الله تعالى وملائكته عليهم الصلاة والسلام يشهدون له بالجنة وقيل لأنه شهد عند خروج روحه ما أعده الله تعالى له من الثواب والكرامة وقيل لأن ملائكة الرحمة يشهدونه فيأخذون روحه وقيل لأنه شهد له بالايمان وخاتمة الخير بظاهر حاله وقيل لأن عليه شاهدا بكونه شهيدا وهو الدم وقيل لأنه ممن يشهد على الأمم يوم القيامة بابلاغ الرسل الرسالة اليهم وعلى هذا القول يشاركهم غيرهم فى هذا الوصف [ 1878 ] قوله ( ما يعدل الجهاد فى سبيل الله قال لا تستطيعوه ) هكذا هو فى معظم النسخ لاتستطيعوه وفى بعضها لا تستطيعونه
(13/24)

بالنون وهذا جار على اللغة المشهورة والأول صحيح أيضا وهى لغة فصيحة حذف النون من غير ناصب ولاجازم وقد سبق بيانها ونظائرها مرات قوله صلى الله عليه و سلم ( مثل المجاهد فى سبيل الله كمثل الصائم القائم القانت بآيات الله إلى آخره ) معنى القانت هنا المطيع وفى هذا الحديث عظيم فضل الجهاد لأن الصلاة والصيام والقيام بآيات الله أفضل الأعمال وقد جعل المجاهد مثل من لايفتر عن ذلك فى لحظة من اللحظات ومعلوم أن هذا لايتأتى لأحد ولهذا قال صلى الله عليه و سلم لاتستطيعونه والله أعلم [ 1879 ] قوله ( أن عمر رضى الله عنه زجر الرجال الذين رفعوا أصواتهم يوم الجمعة عند المنبر ) فيه كراهة رفع الصوت فى المساجد يوم الجمعة وغيره وأنه لايرفع الصوت بعلم ولاغيره عند اجتماع الناس للصلاة لما فيه من التشويش عليهم وعلى المصلين والذاكرين والله أعلم
(13/25)