( باب بيان الشهداء )
 
[ 1914 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( بينما رجل يمشي بطريق وجد غصن شوك على الطريق فأخره فشكر الله له فغفر له ) فيه فضيلة اماطة الأذى عن الطريق وهو كل مؤذ وهذه الاماطة أدنى شعب الايمان كما سبق فى الحديث قوله صلى الله عليه و سلم ( الشهداء خمسة المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم والشهيد فى سبيل الله ) وفى رواية مالك فى الموطأ من حديث جابر بن عتيك الشهداء سبعة سوى القتل فى سبيل الله فذكر المطعون والمبطون والغرق وصاحب الهدم وصاحب ذات الجنب والحرق والمرأة تموت بجمع [ 1915 ] وفى رواية لمسلم من قتل فى سبيل الله فهو شهيد ومن مات فى سبيل الله فهو شهيد وهذا الحديث الذى رواه مالك صحيح بلا خلاف وان كان البخارى ومسلم لم يخرجاه فأما المطعون فهو الذى يموت فى الطاعون كما فى الرواية الأخرى الطاعون شهادة لكل مسلم وأما المبطون فهو صاحب داء البطن وهو الاسهال قال القاضي وقيل هو الذى به الاستسقاء وانتفاخ البطن وقيل
(13/62)

هو الذى تشتكى بطنه وقيل هو الذى يموت بداء بطنه مطلقا وأما الغرق فهو الذى يموت غريقا فى الماء وصاحب الهدم من يموت تحته وصاحب ذات الجنب معروف وهى قرحة تكون فى الجنب باطنا والحريق الذى يموت بحريق النار وأما المرأة تموت بجمع فهو بضم الجيم وفتحها وكسرها والضم أشهر قيل التى تموت حاملا جامعة ولدها فى بطنها وقيل هي البكر والصحيح الأول وأما قوله صلى الله عليه و سلم ومن مات فى سبيل الله فهو شهيد فمعناه بأى صفة مات وقد سبق بيانه قال العلماء وانما كانت هذه الموتات شهادة بتفضل الله تعالى بسبب شدتها وكثرة ألمها وقد جاء فى حديث آخر فى الصحيح من قتل دون ماله فهو شهيد ومن قتل دون أهله فهو شهيد وسبق بيانه فى كتاب الايمان وفى حديث آخر صحيح من قتل دون سيفه فهو شهيد قال العلماء المراد بشهادة هؤلاء كلهم غير المقتول فى سبيل الله انهم يكون لهم فى الآخرة ثواب الشهداء وأما فى الدنيا فيغسلون ويصلى عليهم وقد سبق فى كتاب الايمان بيان هذا وأن الشهداء ثلاثة اقسام شهيد فى الدنيا والآخرة وهو المقتول فى حرب الكفار وشهيد فى الآخرة دون أحكام الدنيا وهم هؤلاء المذكورون هنا وشهيد فى الدنيا دون الآخرة وهو من غل فى الغنيمة أو قتل مدبرا قوله فى حديث عبد الحميد بن بيان ( قال عبد الله بن مقسم اشهد على أخيك أنه زاد فى هذا الحديث ومن غرق فهو شهيد ) هكذا وقع فى أكثر نسخ بلادنا على أخيك بالخاء
(13/63)

وفى بعضها على أبيك بالباء وهذا هو الصواب قال القاضي وقع فى رواية بن ماهان على أبيك وهو الصواب وفى رواية الجلودى على أخيك وهو خطأ والصواب على أبيك كما سبق فى رواية زهير وانما قاله بن مقسم لسهيل بن أبى صالح وكذا ذكره أيضا فى الرواية التى بعدها والله أعلم