( باب تحريم أكل لحم الحمر الانسية )
 
[ 1407 ] قوله ( إن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن متعة النساء يوم خيبر وعن لحوم الحمر الانسية ) أما الانسية فبإسكان النون مع كسر الهمزة وبفتحها لغتان مشهورتان سبق بيانهما وسبق بيان حكم نكاح المتعة وشرح أحاديثه فى كتاب النكاح وأما الحمر الانسية فقد وقع فى أكثر الروايات أن النبى صلى الله عليه و سلم نهى يوم خيبر عن لحومها وفى رواية [ 1936 ] حرم رسول الله صلى الله عليه
(13/90)

وسلم لحوم الحمر الأهلية وفى روايات أنه صلى الله عليه و سلم وجد القدور تغلى فأمر بإراقتها وقال لا تأكلوا من لحومها شيئا وفى رواية نهينا عن لحوم الحمر الأهلية وفى رواية أن النبى صلى الله عليه و سلم قال أهريقوها واكسروها فقال رجل يا رسول الله أو نهريقها ونغسلها قال أو ذاك [ 1940 ] وفى رواية نادى منادي النبى صلى الله عليه و سلم ألا ان الله ورسوله ينهيانكم عنها فانه رجس من عمل الشيطان وفى رواية ينهيانكم عن لحوم الحمر فإنها رجس أو نجس فأكفئت القدور بما فيها اختلف العلماء فى المسألة فقال الجماهير من الصحابة والتابعين ومن بعدهم بتحريم لحومها لهذه الأحاديث الصحيحة الصريحة وقال بن عباس ليست بحرام وعن مالك ثلاث روايات أشهرها أنها مكروهة كراهية تنزيه شديدة والثانية حرام والثالثة مباحة والصواب التحريم كما قاله الجماهير للأحاديث الصريحة وأما الحديث المذكور فى سنن أبى داود عن غالب بن أبجر قال أصابتنا سنة فلم يكن فى مالى شئ أطعم أهلى إلا شئ من حمر وقد كان رسول الله صلى الله عليه و سلم حرم لحوم الحمر الأهلية فأتيت النبى صلى الله عليه و سلم فقلت يا رسول الله أصابتنا السنة فلم يكن فى مالى ما أطعم أهلى إلا سمان حمر وانك حرمت لحوم الحمر الأهلية فقال أطعم أهلك من سمين حمرك فإنما حرمتها من أجل جوال القرية يعنى بالجوال
(13/91)

التى تأكل الجلة وهى العذرة فهذا الحديث مضطرب مختلف الاسناد شديد الاختلاف ولو صح حمل على الأكل منها فى حال الاضطرار والله أعلم قوله [ 1937 ] ( نادى أن اكفؤا القدور ) قال القاضي ضبطناه بألف الوصل وفتح الفاء من كفأت ثلاثى ومعناه قلبت قال ويصح قطع الألف وكسر الفاء من أكفات رباعى وهما لغتان بمعنى عند كثيرين من أهل اللغة منهم الخليل والكسائى وبن
(13/92)

السكيت وبن قتيبة وغيرهم وقال الأصمعى يقال كفأت ولا يقال أكفأت بالألف قوله ( لحوم الحمر نيئة ونضيجة ) هو بكسر النون وبالهمز أى غير مطبوخة [ 1939 ] قوله ( كان حمولة الناس ) بفتح الحاء أي الذى يحمل متاعهم [ 1802 ] قوله ( ان النبى صلى الله عليه و سلم قال فى قدور لحوم الحمر الأهلية أهريقوها واكسروها فقال رجل أو نهريقها ونغسلها قال أو ذاك ) هذا صريح فى
(13/93)

نجاستها وتحريمها ويؤيده الرواية الأخرى فانها رجس وفى الآخرى رجس أو نجس وفيه وجوب غسل ما أصابته النجاسة وأن الاناء النجس يطهر بغسله مرة واحدة ولا يحتاج إلى سبع اذا كانت غير نجاسة الكلب والخنزير وما تولد من أحدهما وهذا مذهبنا ومذهب الجمهور وعند أحمد يجب سبع فى الجميع على أشهر الروايتين عنه وموضع الدلالة أن النبى صلى الله عليه و سلم أطلق الأمر بالغسل ويصدق ذلك على مرة ولو وجبت الزيادة لبينها فإن فى المخاطبين من هو قريب العهد بالاسلام ومن فى معناه ممن لا يفهم من الأمر بالغسل إلا مقتضاه عند الاطلاق وهو مرة وأما أمره صلى الله عليه و سلم أولا بكسرها فيحتمل أنه كان بوحى أو باجتهاد ثم نسخ وتعين الغسل ولا يجوز اليوم الكسر لأنه اتلاف مال وفيه دليل على أنه اذا غسل الاناء النجس فلا بأس باستعماله والله أعلم
(13/94)