( باب إباحة أكل لحم الخيل )
 
[ 1941 ] قوله ( ان رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى يوم خيبر عن لحوم الحمر الأهلية وأذن فى لحوم الخيل ) وفى رواية قال جابر أكلنا من خيبر الخيل وحمر الوحش ونهانا النبى صلى الله عليه و سلم عن الحمار الأهلى [ 1942 ] وفى حديث أسماء قالت نحرنا فرسا على عهد رسول الله صلى الله عليه و سلم فأكلناه اختلف العلماء فى إباحة لحوم الخيل فمذهب الشافعى والجمهور من السلف والخلف أنه مباح لا كراهة فيه وبه قال عبد الله بن الزبير وفضالة بن عبيد وأنس بن مالك وأسماء بنت أبى بكر وسويد بن غفلة وعلقمة والأسود وعطاء وشريح وسعيد بن جبير والحسن البصرى وإبراهيم النخعى وحماد بن سليمان وأحمد واسحاق وأبو ثور وأبو يوسف ومحمد وداود وجماهير المحدثين وغيرهم وكرهها طائفة منهم بن عباس والحكم ومالك وأبو حنيفة قال أبو حنيفة يأثم بأكله ولا يسمى حراما واحتجوا بقوله تعالى والخيل والبغال والحمير لتركبوها وزينة ولم يذكر الأكل وذكر الأكل من الأنعام فى الآية التى قبلها وبحديث صالح بن يحيى بن المقدم عن أبيه عن جده عن خالد بن الوليد نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن لحوم الخيل والبغال والحمير
(13/95)

وكل ذى ناب من السباع رواه أبو داود والنسائى وبن ماجه من رواية بقية بن الوليد عن صالح بن يحيى واتفق العلماء من أئمة الحديث وغيرهم على أنه حديث ضعيف وقال بعضهم هو منسوخ روى الدارقطنى والبيهقى بإسنادهما عن موسى بن هارون الحمال بالحاء الحافظ قال هذا حديث ضعيف قال ولايعرف صالح بن يحيى ولاأبوه وقال البخارى هذا الحديث فيه نظر وقال البيهقي هذا إسناد مضطرب وقال الخطابى فى اسناده نظر قال وصالح بن يحيى عن أبيه عن جده لا يعرف سماع بعضهم من بعض وقال أبو داود هذا الحديث منسوخ وقال النسائى حديث الاباحة أصح قال ويشبه ان كان هذا صحيحا أن يكون منسوخا واحتج الجمهور بأحاديث الاباحة التي ذكرها مسلم وغيره وهي صحيحة صريحة وبأحاديث أخر صحيحة جاءت بالإباحة ولم يثبت فى النهى حديث وأما الآية فاجابوا عنها بأن ذكر الركوب والزينة لا يدل على أن منفعتهما مختصة بذلك فانما خص هذان بالذكر لأنهما معظم المقصود من الخيل كقوله تعالى حرمت عليكم الميتة والدم ولحم الخنزير فذكر اللحم لأنه أعظم المقصود وقد أجمع المسلمون على تحريم شحمه ودمه وسائر أجزائه قالوا ولهذا سكت عن ذكر حمل الأثقال على الخيل مع قوله تعالى في الأنعام وتحمل أثقالكم ولم يلزم من هذا تحريم حمل الأثقال على الخيل والله أعلم قولها ( نحرنا فرسا ) وفي رواية البخارى ذبحنا فرسا وفى رواية له نحرنا كما ذكر مسلم فيجمع بين الروايتين بأنهما قضيتان فمرة نحروها ومرة ذبحوها ويجوز أن تكون قضية واحدة ويكون أحد اللفظين مجازا والصحيح الأول لأنه لا يصار إلى المجاز إلا إذا تعذرت الحقيقة والحقيقة غير متعذرة بل فى الحمل على الحقيقة فائدة مهمة وهى
(13/96)

أنه يجوز ذبح المنحور ونحر المذبوح وهو مجمع عليه وان كان فاعله مخالفا الأفضل والفرس يطلق على الذكر والأنثى والله أعلم