( باب استحباب الضحية وذبحها مباشرة بلا توكيل والتسمية والتكبير )
 
[ 1966 ] قوله ( ضحى النبى صلى الله عليه و سلم بكبشين أملحين أقرنين وذبحهما بيده وسمى وكبر ووضع رجله
(13/119)

على صفاحهما ) قال بن الأعرابى وغيره الأملح هو الأبيض الخالص البياض وقال الأصمعى هو الأبيض ويشوبه شيء من السواد وقال أبوحاتم هو الذى يخالط بياضه حمرة وقال بعضهم هو الأسوديعلوه حمرة وقال الكسائى هو الذى فيه بياض وسواد والبياض أكثر وقال الخطابى هو الأبيض الذى في خلل صوفه طبقات سود وقال الداودى هو المتغير الشعر بسواد وبياض وقوله أقرنين أي لكل واحد منهما قرنان حسنان قال العلماء فيستحب الاقرن وفى هذا الحديث جواز تضحية الانسان بعدد من الحيوان واستحباب الاقرن وأجمع العلماء على جواز التضحية بالاجم الذي لم يخلق له قرنان واختلفوا فى مكسورة القرن فجوزه الشافعى وأبو حنيفة والجمهور سواءكان يدمى أم لاوكرهه مالك اذا كان يدمى وجعله عيبا وأجمعوا على استحباب استحسانها واختيار أكملها وأجمعوا على أن العيوب الأربعة المذكورة في حديث البراء وهو المرض والعجف والعور والعرج البين لاتجزى التضحية بها وكذا ماكان فى معناها أو أقبح كالعمى وقطع الرجل وشبهه وحديث البراء هذا لم يخرجه البخارى ومسلم فى صحيحهما ولكنه صحيح رواه أبوداود والترمذى والنسائى وغيرهم من أصحاب السنن بأسانيد صحيحة وحسنة قال أحمد بن حنبل ما أحسنه من حديث وقال الترمذى حديث حسن صحيح والله أعلم وأما قوله أملحين ففيه استحباب استحسان لون الأضحية وقد أجمعوا عليه قال أصحابنا أفضلها البيضاء ثم الصفراء ثم الغبراء وهى التى لا يصفو بياضها ثم البلقاء وهى التى بعضها أبيض وبعضها أسود ثم السوداء وأما قوله فى الحديث الآخر يطأفى سواد ويبرك فى سواد وينظر فى سواد فمعناه أنقوائمه وبطنه وما حول عينيه أسود والله أعلم قوله ( ذبحهما بيده ) فيه أنه يستحب أن يتولى الانسان ذبح أضحيته بنفسه ولايوكل فى ذبحها الالعذر وحينئذ يستحب أن يشهد ذبحها وان استناب فيها مسلما جاز بلاخلاف وإن استناب كتابيا كره كراهية تنزيه وأجزأه ووقعت التضحية عن الموكل
(13/120)

هذا مذهبنا ومذهب العلماء كافة الامالكا فى إحدى الروايتين عنه فإنه لم يجوزها ويجوز أن يستنيب صبيا أوامرأة حائضا لكن يكره توكيل الصبى وفى كراهة توكيل الحائض وجهان قال أصحابنا الحائض أولى بالاستنابة من الصبى والصبى أولى من الكتابى قال أصحابنا والأفضل لمن وكل أن يوكل مسلما فقيها بباب الذبائح والضحايا لأنه أعرف بشروطها وسننها والله أعلم قوله ( وسمى ) فيه إثبات التسمية على الضحية وسائر الذبائح وهذا مجمع عليه لكن هل هو شرط أم مستحب فيه خلاف سبق إيضاحه فى كتاب الصيد قوله ( وكبر ) فيه استحباب التكبير مع التسمية فيقول بسم الله والله أكبر قوله ( ووضع رجله على صفاحهما ) أى صفحة العنق وهى جانبه وانما فعل هذا ليكون أثبت له وأمكن لئلا تضطرب الذبيحة برأسها فتمنعهمن إكمال الذبح أو تؤذيه وهذا أصح من الحديث الذى جاء بالنهى عن هذا [ 1967 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( هلمي المدية ) أى هاتيها وهى بضم الميم وكسرها وفتحها وهى السكين قوله صلى الله عليه و سلم ( اشحذيها بحجر ) هو بالشين المعجمة والحاء المهملة المفتوحة وبالذال المعجمة
(13/121)

أي حدديها وهذا موافق للحديث السابق في الأمر باحسان القتلة والذبح واحداد الشفرة قوله ( وأخذ الكبش فأضجعه ثم ذبحه ثم قال بسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ثم ضحى به ) هذا الكلام فيه تقديم وتأخير وتقديره فأضجعه وأخذ فى ذبحه قائلا باسم الله اللهم تقبل من محمد وآل محمد وامته مضحيا به ولفظه ثمهنا متأولة على ماذكرته بلا شك وفيه استحباب إضجاع الغنم فى الذبح وأنها لاتذبح قائمة ولاباركة بل مضجعة لأنه أرفق بها وبهذا جاءت الأحاديث واجمع المسلمون عليه واتفق العلماء وعمل المسلمين على أن اضجاعها يكون على جانبها الأيسر لأنه أسهل على الذابح فى أخذ السكين باليمين وامساك رأسها باليسار قوله صلى الله عليه و سلم ( اللهم تقبل من محمد وآل محمد ومن أمة محمد ) فيه دليل لاستحباب قول المضحى حال الذبح مع التسمية والتكبير اللهم تقبل منى قال أصحابنا ويستحب معه اللهم منك وإليك تقبل منى فهذا مستحب عندنا وعند الحسن وجماعة وكرهه أبو حنيفة وكره مالك اللهم منك وإليك وقال هي بدعةواستدل بهذا من جوز تضحية الرجل عنه وعن أهل بيته واشتراكهم معه فى الثواب وهو مذهبنا ومذهب الجمهور وكرهه الثورى وأبو حنيفة وأصحابه وزعم الطحاوى أن هذا الحديث منسوخ أومخصوص وغلطه العلماء فى ذلك فان النسخ والتخصيص لايثبتان بمجرد الدعوى