( باب إباحة أكل الثوم وأنه ينبغى لمن أراد خطاب الكبار تركه وكذا ما فى معناه )
 
[ 2053 ] قوله فى الثوم ( فسألته أحرام هو قال لاولكنى أكرهه من أجل ريحة ) هذا تصريح بإباحة الثوم وهو مجمع عليه لكن يكره لمن أراد حضور المسجد أو حضور جمع فى غير المسجد أو مخاطبة الكبار ويلحق بالثوم كل ماله رائحة كريهة وقد سبقت المسألة مستوفاة فى كتاب الصلاة قوله ( وكان النبى صلى الله عليه و سلم يؤتى ) معناه تأتيه الملائكة والوحى كما جاء فى الحديث الآخر انى أناجى من لاتناجى وأن الملائكة تتأذى مما يتأذى منه بنو آدم وكان صلى الله عليه و سلم يترك الثوم دائما لأنه يتوقع مجيء الملائكة والوحى كل ساعة واختلف أصحابنا فى حكم الثوم في حقه صلى الله عليه و سلم وكذلك البصل والكراث ونحوها فقال بعض أصحابنا هي محرمة عليه والأصح عندهم أنها مكروهة كراهة تنزيه ليست محرمة لعموم قوله صلى الله عليه و سلم لافى جواب قوله أحرام هو ومن قال بالأول يقول معنى الحديث ليس بحرام فى حقكم والله أعلم قوله ( كان النبى صلى الله عليه و سلم اذا أتى بطعام أكل منه وبعث بفضله إلى ) العلماءقال العلماء فى هذا أنه يستحب للآكل والشارب أن يفضل مما يأكل ويشرب فضلة ليواسى بها من بعده لاسيما ان كان ممن يتبرك بفضلته وكذا اذا كان فى الطعام قلة ولهم إليه حاجة ويتأكد هذا فى حق الضيف لاسيما ان كانت عادة أهل الطعام أن
(14/9)

يخرجوا كل ما عندهم وتنتظر عيالهم الفضلة كما يفعله كثير من الناس ونقلوا أن السلف كانوا يستحبون افضال هذه الفضلة المذكورة وهذا الحديث أصل ذلك كله قوله ( نزل النبى صلى الله عليه و سلم فى السفل وأبو أيوب فى العلو ثم ذكر كراهة أبى أيوب لعلوه ومشية فوق رأس رسول الله صلى الله عليه و سلم وأن النبى صلى الله عليه و سلم تحول إلى العلو ) أما نزوله صلى الله عليه و سلم أولا فىالسفل فقد صرح بسببه وأنه أرفق به وبأصحابه وقاصديه وأما كراهة أبى أيوب فمن الأدب المحبوب الجميل وفيه اجلال أهل الفضل والمبالغة فى الأدب معهم والسفل والعلو بكسر أولهما وضمه لغتان وفيه منقبة ظاهرة لأبى أيوب الأنصارى رضى الله عنه من أوجه منها نزوله صلى الله عليه و سلم ومنها أدبه معه ومنها موافقته فى ترك الثوم وقوله ( انى أكره ما تكره ) ومن أوصاف المحب الصادق أن يحب ما أحب محبوبه ويكره ما كره قوله ( فكان يصنع للنبى صلى الله عليه و سلم طعاما فاذا جيء به إليه سأل عن موضع أصابعه فيتتبع موضع أصابعه ) يعنى اذا بعث إليه فأكل منه حاجته ثم رد الفضلة أكل أبو أيوب من موضع أصابع النبى صلى الله عليه و سلم
(14/10)

تبركا ففيه التبرك بآثار أهل الخير فى الطعام وغيره قوله ( فقيل له لم يأكل ففزع ) يعنى فزع لخوفه أن يكون حدث منه أمر أوجب الامتناع من طعامه قوله ( حدثنا حجاج وأحمد بن سعيد قالا حدثنا أبو النعمان حدثنا ثابت فى رواية حجاج بن يزيد أخوزيد الأحول ) هكذا هو فى معظم النسخ ببلادنا أخو زيد بالخاء وهو غلط باتفاق الحفاظ وصوابه أبو زيد بالباء كنية لثابت وكذا نقله القاضي عياض على الصواب عن جميع شيوخهم ونسخ بلادهم وأنه فى كلها أبو زيد بالباء قال ووقع لبعضهم أخو زيد وهو خطأ محض وإنما هو ثابت بن زيد أبو زيد الأنصارى البصرى الأحول وحكى البخارى فى تاريخه عن أبى داود الطيالسي أنه قال ثابت بن زيد قال البخارى والأصح ثابت بن يزيد بالياء أبو زيد وقوله ( فى أصل كتاب مسلم الأحول ) مرفوع صفة لثابت والله أعلم