( باب النهى عن لبس الرجل الثوب المعصفر )
 
[ 2077 ] قوله ( حدثنا محمد بن مثنى حدثنا معاذ بن هشام حدثنى أبى عن يحيى حدثنى محمد بن ابراهيم بن الحارث أن بن معدان أخبره أن جبير بن نفير أخبره أن عبد الله بن عمرو بن العاص أخبره
(14/53)

قال رأى رسول الله صلى الله عليه و سلم على ثوبين معصفرين فقال ان هذه من ثياب الكفار فلا تلبسها ) وفى الرواية الأخرى قال رأى النبى صلى الله عليه و سلم على ثوبين معصفرين فقال أمك أمرتك بهذا قلت أغسلهما قال بل أحرقهما [ 2078 ] وفى رواية على رضى الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه و سلم نهى عن لبس القسى والمعصفر هذا الاسناد الذى ذكرنا فيه أربعة تابعيون يروى بعضهم عن بعض وهم يحيى بن سعيدالأنصارى ومحمد بن ابراهيم بن الحارث التيمي وخالد بن معدان وجبير بن نفير واختلف العلماء فى الثياب المعصفرة وهى المصبوغة بعصفر فأباحها جمهور العلماء من الصحابة والتابعين ومن بعدهم وبه قال الشافعى وأبو حنيفة ومالك لكنه قال غيرها أفضل منها وفى رواية عنه أنه أجاز لبسها فى البيوت وأفنية الدور وكرهه فى المحافل والأسواق ونحوها وقال جماعة من العلماء هو مكروه كراهة تنزيه وحملوا النهى على هذا لأنه ثبت أن النبى صلى الله عليه و سلم لبس حلة حمراء وفى الصحيحين عن بن عمر رضى الله عنه قال رأيت النبى صلى الله عليه و سلم يصبغ بالصفرة وقال الخطابى النهى منصرف إلى ما صبغ من الثياب بعد النسج فأما ما صبغ غزله ثم نسج فليس بداخل فى النهى وحمل بعض العلماء النهى هنا على المحرم بالحج أو العمرة ليكون موافقا لحديث بن عمر رضى الله عنه نهى المحرم أن يلبس ثوبا همسه ورس أو زعفران وأما البيهقى رضى الله عنه فأتقن المسألة فقال فى كتابه معرفة السنن نهى الشافعى الرجل عن المزعفر وأباح المعصفر قال الشافعى وانما رخصت فى المعصفر لأنى لم أجد أحدا يحكى عن النبى صلى الله عليه و سلم النهى عنه إلا ما قال على رضى الله عنه نهانى ولا أقول نهاكم قال البيهقى وقد جاءت أحاديث تدل على النهى على العموم ثم ذكر حديث عبد الله بن عمروبن العاص
(14/54)

هذا الذى ذكره مسلم ثم أحاديث أخر ثم قال لو بلغت هذه الأحاديث الشافعى لقال بها ان شاء الله ثم ذكر باسناده ما صح عن الشافعى أنه قال اذا كان حديث النبى صلى الله عليه و سلم خلاف قولى فاعملوا بالحديث ودعوا قولى وفى رواية فهو مذهبى قال البيهقى قال الشافعى وأنهى الرجل الحلال بكل حال أن يتزعفر قال وآمره اذا تزعفر أن يغسله قال البيهقى فتبع السنة فى المزعفر فمتا بعتها فى المعصفر أولى قال وقد كره المعصفر بعض السلف وبه قال أبو عبد الله الحليمى من أصحابنا ورخص فيه جماعة والسنة أولى بالاتباع والله أعلم قوله صلى الله عليه و سلم ( أمك أمرتك بهذا ) معناه أن هذا من لباس النساء وزيهن وأخلاقهن وأما الأمر باحراقهما فقيل هو عقوبة وتغليظ لزجره
(14/55)

وزجر غيره عن مثل هذا الفعل وهذا نظير أمرتلك المرأة التى لعنت الناقة بارسلها وأمر أصحاب بريرة ببيعها وأنكر عليهم اشتراط الولاء ونحو ذلك والله أعلم