( باب استحباب خضاب الشيب بفصرة أو حمرة وتحريمه بالسواد )
 
[ 2102 ] قوله ( أتى بأبى قحافة رضى الله عنه يوم فتح مكة ورأسه ولحيته كالثغامة بياضا فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم غيروا هذا بشيء واجتنبوا السواد ) [ 2103 ] وفى رواية إن اليهود والنصارى لايصبغون فخالفوهم أما الثغامة بثاء مثلثة مفتوحة ثم غين معجمة مخففة قال أبو عبيد هو نبت أبيض الزهر والثمر شبه بياض الشيب به وقال بن الأعرابى شجرة تبيض كأنها الملح وأما أبو قحافة بضم القاف
(14/79)

وتخفيف الحاء المهملة واسمه عثمان فهو ولد أبى بكر الصديق أسلم يوم فتح مكة ويقال صبغ يصبغ بضم الياء وفتحها ومذهبنا استحباب خضاب الشيب للرجل والمرأة بصفرة أو حمرة ويحرم خضابه بالسواد على الاصح وقيل يكره كراهة تنزيه والمختار التحريم لقوله صلى الله عليه و سلم واجتنبوا السواد هذا مذهبنا وقال القاضي اختلف السلف من الصحابة والتابعين فى الخضاب وفى جنسه فقال بعضهم ترك الخضاب أفضل ورووا حديثا عن النبى صلى الله عليه و سلم فى النهى عن تغيير الشيب لأنه صلى الله عليه و سلم لم يغير شيبه روى هذا عن عمر وعلى وأبى وآخرين رضى الله عنهم وقال آخرون الخضاب أفضل وخضب جماعة من الصحابة والتابعين ومن بعدهم للأحاديث التي ذكرها مسلم وغيره ثم اختلف هؤلاء فكان أكثرهم يخضب بالصفرة منهم بن عمر وأبو هريرة وآخرون وروى ذلك عن على وخضب جماعة منهم بالحناء والكتم وبعضهم بالزعفران وخضب جماعة بالسواد روى ذلك عن عثمان والحسن والحسين ابنى على وعقبة بن عامر وبن سيرين وأبى بردة وآخرين قال القاضي قال الطبرانى الصواب أن الآثار المروية عن النبى صلى الله عليه و سلم بتغيير الشيب وبالنهى عنه كلها صحيحة وليس فيها تناقض بل الأمر بالتغيير لمن شيبه كشيب أبى قحافة والنهى لمن له شمط فقط قال واختلاف السلف فى فعل الأمرين بحسب اختلاف أحوالهم فى ذلك مع أن الأمر والنهى فى ذلك ليس للوجوب بالاجماع ولهذا لم ينكر بعضهم على بعض خلافه فى ذلك قال ولايجوز أن يقال فيهما ناسخ ومنسوخ قال القاضي وقال غيره هو على حالين فمن كان فى موضع عادة أهل الصبغ أو تركه فخروجه عن العادة شهرة ومكروه والثانى أنه يختلف باختلاف نظافة الشيب فمن كان شيبته تكون نقية أحسن منها مصبوغة فالترك أولى ومن كانت شيبته تستبشع فالصبغ أولى هذا مانقله القاضي والأصح الأوفق للسنة ما قدمناه عن مذهبنا والله أعلم
(14/80)