( باب النهى عن ضرب الحيوان فى وجهه ووسمه فيه )
 
[ 2116 ] قوله ( نهى رسول الله صلى الله عليه و سلم عن ضرب الحيوان فى الوجه وعن الوسم فى الوجه [ 2117 ] وفى رواية ( مر عليه حمار وقد وسم فى وجهه فقال لعن الله الذى وسمه ) وفى رواية
(14/96)

بن عباس رضى الله عنه [ 2118 ] ( فأنكر ذلك قال فوالله لا أسمه إلا أقصى شيء من الوجه فأمر بحمار له فكوى فى جاعرتيه فهو أول من كوى الجاعرتين ) أما الوسم فبالسين المهملة هذا هو الصحيح المعروف فى الروايات وكتب الحديث قال القاضي ضبطناه بالمهملة قال وبعضهم يقوله بالمهملة وبالمجمة وبعضهم فرق فقال بالمهملة فى الوجه وبالمعجمة فى سائر الجسد وأما الجاعرتان فهما حرفا الورك المشرفان مما يلى الدبر وأما القائل فوالله لا أسمه إلا أقصى شيء من الوجه فقد قال القاضي عياض هو العباس بن عبد المطلب كذاذكره فى سنن أبى داود وكذا صرح به فى رواية البخارى فى تاريخه قال القاضي وهو فى كتاب مسلم مشكل يوهم أنه من قول النبي صلى الله عليه و سلم والصواب أنه من قول العباس رضي الله عنه كما ذكرنا هذا كلام القاضي وقوله يوهم أنه من كلام النبي صلى الله عليه و سلم ليس هو بظاهر فيه بل ظاهره أنه من كلام بن عباس وحينئذ يجوز أن تكون القضية جرت للعباس ولابنه وأما الضرب فى الوجه فمنهى عنه فى كل الحيوان المحترم من الآدمى والحمير والخيل والابل والبغال والغنم وغيرها لكنه فى الآدمى أشد لأنه مجمع المحاسن مع أنه لطيف لأنه يظهر فيه أثر الضرب وربما شانه وربما آذى بعض الحواس وأما الوسم فى الوجه فمنهى عنه بالاجماع للحديث ولما ذكرناه فأما الآدمى فوسمه حرام لكرامته ولأنه لاحاجة إليه فلايجوز تعذيبه وأما غير الآدمى فقال جماعة من أصحابنا يكره وقال البغوى من أصحابنا لايجوز فأشار إلى تحريمه وهو الأظهر لأن النبى صلى الله عليه و سلم لعن فاعله واللعن يقتضى التحريم وأما وسم غير الوجه من غير الآدمى فجائز بلا خلاف عندنا لكن يستحب فىنعم الزكاة والجزية ولايستحب فى غيرها ولاينهى عنه قال أهل اللغة الوسم أثركية يقال بعير موسوم وقد وسمه يسمه وسما وسمة والميسم الشيء الذى يوسم به وهو بكسر الميم وفتح السين وجمعه مياسم ومواسم وأصله كله من السمة وهى العلامة ومنه موسم الحج أى معلم جمع الناس وفلان موسوم بالخير وعليه سمة الخير أى علامته وتوسمت فيه كذا أى رأيت فيه علامته والله أعلم
(14/97)