( باب جواز وسم الحيوان غير الآدمى فى غير الوجه وندبه فى نعم الزكاة والجزية )
 
[ 2119 ] قوله ( عن أنس قال لما ولدت أم سليم قالت لى ياأنس انظر هذا الغلام فلايصيبن شيئا حتى تغدو به إلى النبى صلى الله عليه و سلم يحنكه فغدوت فاذا هو فى الحائط وعليه خميصة حويتية وهو يسم الظهر الذى قدم عليه فى الفتح ) وفى رواية فاذا النبى صلى الله عليه و سلم فى مربد يسم غما قال شعبة وأكثر علمى أنه قال فى آذنها وفى رواية رأيت فى يد النبى صلى الله عليه و سلم الميسم وهو يسم إبل الصدقة أما الخميصة فهي كساء من صوف أو خز ونحوهما مربع له أعلام وأما
(14/98)

قوله حويتية فاختلف رواة صحيح مسلم فى ضبطه فالأشهر أنه بحاء مهملة مضمومة ثم واومفتوحة ثم ياء مثناة تحت ساكنة ثم مثناة فوق مكسورة ثم مثناة تحت مشددة وفى بعضهم حوتنية باسكان الواو وبعدها مثناة فوق مفتوحة ثم نون مكسورة وقد ذكرها القاضي وفى بعضها حونية باسكان الواو وبعدها نون مكسورة وفى بعضها حريثية بحاء مهملة مضمومة وراء مفتوحة ثم مثناة تحت ساكنة ثم مثلثة مكسورة منسوبة إلى بني حريث وكذا وقع فى رواية البخارى لجمهور رواة صحيحة وفى بعضها حونبية بفتح الحاء المهملة واسكان الواو ثم نون مفتوحة ثم باء موحدة ذكره القاضي وفى بعضها خويثية بضم الخاء المعجمة وفتح الواو واسكان المثناة تحت وبعدها مثلثة حكاه القاضي وفى بعضها جوينية بجيم مضمومة ثم واو ثم مثناة تحت ثم نون مكسورة ثم مثناة تحت مشددة وفى بعضها جونية بفتح الجيم واسكان الواو وبعدها نون قال القاضي فى المشارق ووقع لبعض رواة البخارى خيبرية منسوبة إلى خيبر ووقع فى الصحيحين حوتكية بفتح الحاء وبالكاف أى صغيرة ومنه رجل حوتكى أى صغير قال صاحب التحرير فى شرح مسلم فى الرواية الأولى هي منسوبة إلى الحويت وهو قبيلة أو موضع وقال القاضي فى المشارق هذه الروايات كلها تصحيف إلاروايتى جونية بالجيم وحريثية بالراء والمثلثة فأما الجونية بالجيم فمنسوبة إلى بنى الجون قبيلة من الأزد أو إلى لونها من السواد أو البياض أو الحمرة لأن العرب تسمى كل لون من هذه جونا هذا كلام القاضي وقال بن الأثير فى نهاية الغريب بعد أن ذكر الرواية الأولى هذا وقع فى بعض نسخ مسلم ثم قال والمحفوظ المشهور جونية أى سوداء قال وأما الحويتية فلاأعرفها وطالما بحثت عنها فلم أقف لها على معنى والله أعلم وأما قوله قال شعبة وأكثر علمى روى بالثاء المثلثة وبالباء الموحدة وهما صحيحان والميسم بكسر الميم سبق بيانه فى الباب قبله وسبق هناك أن وسم الآدمى حرام وأما غير الآدمى فالوسم فى وجهه منهى عنه وأما غير الوجه فمستحب فى نعم الزكاة والجزية وجائز فى غيرها واذا وسم فيستحب أن يسم الغنم فى آذانها والابل والبقر فى أصول أفخاذخا لأنه موضع صلب فيقل الألم فيه ويخف شعره ويظهر الوسم وفائدة الوسم تمييز الحيوان بعضه من بعض ويستحب أن يكتب فى ماشية الجزية جزية أو صغار وفى ماشية الزكاة زكاة أو صدقة قال الشافعى وأصحابه يستحب كون ميسم الغنم ألطف من ميسم البقر وميسم البقر ألطف من ميسم الابل وهذا الذى قدمناه من استحباب وسم نعم الزكاة والجزية هو
(14/99)

مذهبنا ومذهب الصحابة كلهم رضى الله عنهم وجماهير العلماء بعدهم ونقل بن الصباغ وغيره إجماع الصحابة عليه وقال أبو حنيفة هو مكروه لأنه تعذيب ومثله وقد نهى عن المثلة وحجة الجمهور هذه الأحاديث الصحيحة الصريحة التى ذكرها مسلم وآثار كثيرة عن عمر وغيره من الصحابة رضى الله عنهم ولأنها ربما شردت فيعرفها واجدها بعلامتها فيردها والجواب عن النهى عن المثلة والتعذيب أنه عام وحديث الوسم خاص فوجب تقديمه والله أعلم وأما المربد فبكسر الميم واسكان الراء وفتح الموحدة وهو الموضع الذى تحبس فيه الابل وهو مثل الحظيرة للغنم فقوله هنا فى مربد يحتمل أنه أراد الحظيرة التى للغنم فأطلق عليها اسم المربد مجازا لمقاربتها ويحتمل أنه على ظاهره وأنه أدخل الغنم مربد الابل ليسمها فيه وأما قوله يسم الظهر فالمراد به الابل سميت بذلك لأنها تحمل الأثقال على ظهورها وفى هذا الحديث فوائد كثيرة منها جواز الوسم فى غير الآدمى واستحبابه فى نعم الزكاة والجزية وأنه ليس فى فعله دناءة ولاترك مروءة فقد فعله النبى صلى الله عليه و سلم ومنها بيان ما كان عليه النبى صلى الله عليه و سلم من التواضع وفعل الأشغال بيده ونظره في مصالح المسلمين والاحتياط فى حفظ مواشيهم بالوسم وغيره ومنها استحباب تحنيك المولود وسنبسطه فى بابه إن شاء الله تعالى ومنها حمل المولود عند ولادته إلى واحد من أهل الصلاح والفضل يحنكه بتمرة ليكون أول مايدخل فى جوفة ريق الصالحين فيتبرك به والله أعلم