( باب تحريم الخلوة بالأجنبية والدخول عليها )
 
قوله صلى الله عليه و سلم [ 2171 ] ( لايبتن رجل عند امرأة إلا أن يكون ناكحا أو ذا محرم ) هكذا هو فى نسخ بلادنا إلا أن يكون بالياء المثناة من تحت أى يكون الداخل زوجا أو ذا محرم وذكره القاضي فقال إلا أن تكون ناكحا أو ذات محرم بالتاء المثناة فوق وقال ذات بدل ذا قال والمراد بالنا كح المرأة المزوجة وزوجها حاضر فيكون مبيت الغريب فى بيتها بحضرة زوجها وهذه الرواية التى اقتصر عليها والتفسير غريبان مردودان والصواب الرواية الأولى التى ذكرتها عن نسخ بلادنا ومعناه لايبيتن رجل عند امرأة إلا زوجها أو محرم لها قال العلماء إنما خص الثيب لكونها التى يدخل اليها غالبا وأما البكر فمصونة متصونة فى العادة مجانبة للرجال أشد مجانبة فلم يحتج إلى ذكرها ولأنه من باب التنبية لأنه اذا نهى عن الثيب التى يتساهل الناس فى الدخول عليها فى العادة فالبكر أولى وفى هذا الحديث والأحاديث بعده تحريم الخلوة بالأجنبية وإباحة الخلوة بمحارمها وهذان الأمران مجمع عليهما وقد قدمنا أن المحرم هو كل من حرم عليه نكاحها على التأبيد لسبب مباح لحرمتها فقولنا على التأبيد احتراز من أخت امرأته وعمتها وخالتها ونحوهن ومن بنتها قبل الدخول بالأم وقولنا لسبب مباح احتراز من أم الموطوءة بشبهة وبنتها فانه حرام على التأبيد لكن لالسبب مباح فان وطء الشبهة لايوصف بأنه مباح ولا محرم ولا بغيرهما من أحكام الشرع الخمسة لأنه ليس فعل مكلف وقولنا لحرمتها احتراز من الملاعنة فهي حرام على التأبيد لالحرمتها بل تغليظا عليهما والله أعلم قوله صلى الله عليه و سلم [ 2172 ] ( الحمو الموت ) قال الليث بن
(14/153)

سعد الحمو أخو الزوج وماأشبهه من أقارب الزوج بن العم ونحوه اتفق أهل اللغة على أن الاحماء أقارب زوج المرأة كأبيه وعمه وأخيه وبن أخيه وبن عمه ونحوهم والأختان أقارب زوجة الرجل والأصهار يقع على النوعين وأما قوله صلى الله عليه و سلم الحمو الموت فمعناه أن الخوف منه أكثر من غيره والشر يتوقع منه والفتنة أكثر لتمكنه من الوصول إلى المرأة والخلوة من غير أن ينكر عليه بخلاف الأجنبى والمراد بالحموهنا أقارب الزوج غير آبائه وأبنائه فأما الآباء والأبناء فمحارم لزوجته تجوزلهم الخلوة بها ولايوصفون بالموت وانما المراد الأخ وبن الأخ والعم وابنه ونحوهم ممن ليس بمحرم وعادة الناس المساهلة فيه ويخلو بامرأة أخيه فهذا هو الموت وهو أولى بالمنع من الأجنبي لماذكرناه فهذا الذى ذكرته هو صواب معنى الحديث وأما ماذكره المازرى وحكاه أن المراد بالحمو أبو الزوج وقال اذا نهى عن أبى الزوج وهو محرم فكيف بالغريب فهذا كلام فاسد مردود ولايجوز حمل الحديث عليه فكذا مانقله القاضي عن أبى عبيد أن معنى الحمو الموت فليمت ولايفعل هذا هو أيضا كلام فاسد بل الصواب ماقدمناه وقال بن الأعرابى هي كلمة تقولها العرب كما يقال الأسد الموت أى لقاؤه مثل الموت وقال القاضي معناه الخلوة بالأحماءمؤدية إلى الفتنة والهلاك فى الدين فجعله كهلاك الموت فورد الكلام مورد التغليظ قال وفى الحم أربع لغات إحداها هذا حموك بضم الميم فى الرفع ورأيت حماك ومررت بحميك والثانية هذا حمؤك باسكان الميم وهمزة مرفوعة ورأيت حماك ومررت بحمئك والثالثة حما هذا حماك ورأيت حماك ومررت بحماك كقفا وقفاك والرابعة حم كأب وأصله حمو بفتح
(14/154)

الحاء والميم وحماة المرأة أم زوجها لايقال فيها غير هذا قوله صلى الله عليه و سلم [ 2173 ] ( لايدخلن رجل بعد يومى هذا على مغيبة إلا ومعه رجل أو رجلان ) المغيبة بضم الميم وكسر الغين المعجمة وإسكان الياء وهى التى غاب عنها زوجها والمراد غاب زوجها عن منزلها سواء غاب عن البلد بأن سافر أو غاب عن المنزل وان كان فى البلد هكذا ذكره القاضي وغيره وهذا ظاهر متعين قال القاضي ودليله هذا الحديث وأن القصة التى قيل الحديث بسببها وأبو بكر رضى الله عنه غائب عن منزله لاعن البلد والله أعلم ثم ان ظاهر هذا الحديث جواز خلوة الرجلين أو الثلاثة بالأجنبية والمشهور عند أصحابنا تحريمه فيتأول الحديث على جماعة يبعد وقوع المواطأة منهم على الفاحشة لصلاحهم أو مروءتهم أوغير ذلك وقد أشار القاضي إلى نحو هذا التأويل
(14/155)