( باب بيان أنه يستحب لمن رؤى خاليا بامرأة وكانت زوجته أو محرما له أن يقول هذه فلانة ليدفع ظن السوء به )
 
قوله فى حديث صفية رضى الله عنها وزيارتها للنبى صلى الله عليه و سلم فى اعتكافه عشاء فرأى الرجلين فقال [ 2175 ] ( انها صفية فقالاسبحان الله فقال إن الشيطان يجرى من الانسان مجرى الدم ) الحديث فيه فوائد منها بيان كمال شفقته صلى الله عليه و سلم على أمته ومراعاته لمصالحهم وصيانة قلوبهم وجوارحهم وكان بالمؤمنين رحيما فخاف صلى الله عليه و سلم أن يلقى الشيطان فىقلوبهما فيهلكا فان ظن السوء بالأنبياء كفر بالاجماع والكبائر غير جائزة عليهم وفيه أن من ظن شيئا من نحو هذا بالنبى صلى الله عليه و سلم كفر وفيه جواز زيارة المرأة لزوجها المعتكف في ليل أو نهار وأنه لايضر اعتكافه لكن يكره الاكثار من مجالستها والاستلذاذ بحديثها لئلا يكون ذريعة إلى الوقاع أو إلى القبلة أو نحوها مما يفسد الاعتكاف وفيه استحباب التحرز من التعرض لسوء ظن الناس فى الانسان وطلب السلامة والاعتذار بالأعذار الصحيحة وأنه متى فعل ماقد ينكر ظاهره مماهو حق وقد يخفى أن
(14/156)

يبين حاله ليدفع ظن السوء وفيه الاستعداد للتحفظ من مكايد الشيطان فإنه يجرى من الانسان مجرى الدم فيتأهب الانسان للاحتراز من وساوسه وشره والله أعلم قوله صلى الله عليه و سلم [ 2174 ] ( ان الشيطان يجرى من الانسان مجرى الدم ) قال القاضي وغيره قيل هو على ظاهره وأن الله تعالى جعل له قوة وقدرة على الجرى فى باطن الانسان مجارى دمه وقيل هو على الاستعارة لكثرة اغوائه ووسوسته فكانه لايفارق الانسان كما لايفارقه دمه وقيل يلقى وسوسته فى مسام لطيفة من البدن فتصل الوسوسة إلى القلب والله أعلم قوله صلى الله عليه و سلم يافلان هذه زوجتى فلانة هكذا هو فى جميع النسخ بالتاء قبل الياء وهى لغة صحيحة وإن كان الأشهر حذفها وبالحذف جاءت آيات القرآن والاثبات كثير أيضا قولها فقام معى ليقلبنى هو بفتح الياء أي ليردنى إلى منزلى فيه جواز تمشى المعتكف معها مالم يخرج من المسجد وليس فى الحديث أنه خرج من المسجد قوله صلى الله عليه و سلم على رسلكما هو بكسر الراء وفتحها لغتان والكسر أفصح وأشهر أى على هينتكما فى المشى فما هنا شيء تكرهانه قوله فقال سبحان الله فيه جواز التسبيح تعظيما للشيء وتعجبا منه وقد كثر فى الأحاديث وجاء به القرآن فى قوله تعالى لولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك
(14/157)