( باب من أتى مجلسا فوجد فرجة فجلس فيها والاوراءهم )
 
قوله صلى الله عليه و سلم [ 2176 ] بينما هو جالس فى المسجد والناس معه اذ أقبل ثلاثة نفر فأقبل اثنان ) إلى آخره فيه استحباب جلوس العالم لأصحابه وغيرهم فى موضع بارز ظاهر للناس والمسجد أفضل فيذا كرهم العلم والخير وفيه جواز حلق العلم والذكر فى المسجد واستحباب دخولها ومجالسة أهلها وكراهة الانصراف عنها من غير عذر واستحباب القرب من كبير الحلقة ليسمع كلامه سماعا بينا ويتأدب بأدبه وأن قاصد الحلقة ان رأى فرجة دخل فيها والاجلس وراءهم وفيه الثناء على من فعل جميلافانه صلى الله عليه و سلم أثنى على الاثنين فى هذا الحديث وأن الانسان اذا فعل قبيحا ومذموما وباح به جاز أن ينسب إليه والله أعلم قوله صلى الله عليه و سلم ( فرأى فرجة فى الحلقة فدخل فيها ) الفرجة بضم الفاء وفتحها لغتان وهى الخلل بين الشيئين ويقال لها أيضا فرج ومنه قوله تعالى وما لها من فروج جمع فرج وأما الفرجة بمعنى الراحة من الغم فذكر الازهرى فيها فتح الفاء وضمها وكسرها وقد فرج له فى الحلقة والصف ونحوهما بتخفيف الراء يفرج بضمها وأما الحلقة فبإسكان اللام على المشهور وحكى الجوهرى فتحها وهىلغة رديئة قوله صلى الله عليه و سلم ( أما أحدهم فأوى إلى الله فآواه الله ) لفظة أوى بالقصر وآواه بالمد هكذا الرواية وهذه هي اللغة الفصيحة وبها جاء القرآن أنه اذا كان لازما كان مقصورا وان كان متعديا كان ممدودا قال الله تعالى أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة وقال تعالى إذ أوى الفتية إلى الكهف وقال
(14/158)

فى المتعدى وآويناهما إلى ربوة وقال تعالى ألم يجدك يتيما فآوى قال القاضي وحكى بعض أهل اللغة فيهما جميعا لغتين القصر والمد فيقال أويت إلى الرجل بالقصر والمد وآويته بالمد والقصر والمشهور الفرق كما سبق قال العلماء معنى أوى إلى الله أى لجأ إليه قال القاضي وعندى أن معناه هنا دخل مجلس ذكر الله تعالى أو دخل مجلس رسول الله صلى الله عليه و سلم ومجمع أوليائه وانضم إليه ومعنى آواه الله أى قبله وقربه وقيل معناه رحمه أو آواه إلى جنته أى كتبهاله قوله صلى الله عليه و سلم ( وأما الآخر فاستحى فاستحى الله منه ) أى ترك المزاحمة والتخطى حياءمن الله تعالى ومن النبى صلى الله عليه و سلم والحاضرين أواستحياء منهم أن يعرض ذاهبا كما فعل الثالث فاستحى الله منه أي رحمه ولم يعذبه بل غفر ذنوبه وقيل جازاه بالثواب قالوا ولم يلحقه بدرجة صاحبه الأول فى الفضيلة الذى آواه وبسط له اللطف وقربه وأما الثالث فأعرض فأعرض الله عنه أى لم يرحمه وقيل سخط عليه وهذا محمول على أنه ذهب معرضا لا لعذر وضرورة قوله صلى الله عليه و سلم فى الثانى وأما الاخر فاستحى هذا دليل اللغة الفصيحة الصحيحة أنه يجوز في الجماعة أن يقال في غير الأخير منهم الآخر فيقال حضرني ثلاثة أما أحدهم فقرشي وأما الآخر فأنصارى وأما الآخر فتيمى وقد زعم بعضهم أنه لايستعمل الآخر الافى الآخر خاصة وهذا الحديث صريح فى الرد عليه والله أعلم
(14/159)