( باب الطيره والفأل ومايكون فيه الشؤم )
 
قوله صلى الله عليه و سلم [ 2223 ] ( لا طيرة وخيرها الفأل ) قيل يارسول الله وما الفأل قال الكلمة الحسنة الصالحة يسمعها أحدكم [ 2224 ] وفى رواية لاطيرة ويعجبنى الفأل الكلمة الحسنة الكلمة الطيبة [ 2223 ] وفى رواية وأحب الفأل الصالح أما الطيرة فبكسر الطاء وفتح الياء على وزن العنبة هذا هو الصحيح المعروف فى رواية الحديث وكتب اللغة والغريب وحكى القاضي وبن الأثير أن منهم من سكنالياء والمشهور الأول قالوا وهى مصدر تطير طيرة قالوا ولم يجيء فى المصادر على هذا الوزن إلاتطير طيرة وتخير خيره بالخاء المعجمة وجاء فى الأسماء حرفان وهما شيء طيبة أى طيب والتولة بكسرالتاء المثناة وضمها وهو نوع من السحر وقيل يشبه السحر وقال الأصمعى هو ماتتحبب به المرأة إلى زوجها والتطير التشاءم وأصله الشيء المكروه من قول أو فعل أو مرئى وكانوا يتطيرون بالسوانح والبوارح فينفرون الظباء والطيور فإن أخذت ذات اليمين تبركوا به ومضوا فى سفرهم وحوائجهم وان
(14/218)

أخذت ذات الشمال رجعوا عن سفرهم وحاجتهم وتشاءموا بها فكانت تصدهم فى كثير من الأوقات عن مصالحهم فنفى الشرع ذلك وأبطله ونهي عنه وأخبر أنه ليس له تأثير بنفع ولاضر فهذا معنى قوله صلى الله عليه و سلم لاطيرة وفى حديث اخر الطيرة شرك أى اعتقاد أنها تنفع أو تضر اذ عملوا بمقتضاها معتقدين تأثيرها فهو شركلأنهم جعلوا لها أثرا فى الفعل والإيجاد وأما الفأل فمهموز ويجوز ترك همزه وجمعه فؤول كفلس وفلوس وقد فسره النبى صلى الله عليه و سلم بالكلمة الصالحة والحسنة والطيبة قال العلماء يكون الفأل فيما يسروفيما يسوء والغالب فى السرور والطيرة ولايكون إلافيما يسوء قالوا وقد يستعمل مجازا فى السرور يقال تفاءلت بكذا بالتخفيف وتفألت بالتشديد وهو الأصل والأول مخفف منه ومقلوب عنه قال العلماء وانما أحب الفأل لان الانسان اذا أمل فائدة الله تعالى وفضله عند سبب قوى أو ضعيف فهو
(14/219)

على خير فى الحال وان غلط فى جهة الرجاء فالرجاءله خير وأما اذا قطع رجاءه وأمله من الله تعالى فان ذلك شر له والطيرة فيها سوء الظن وتوقع البلاء ومن أمثال التفاؤل أن يكون له مريض فيتفاءل بما يسمعه فيسمع من يقول يا سالم أو يكون طالب حاجة فيسمع من يقول يا واجد فيقع فى قلبه رجاء البرء أو الوجدان والله أعلم قوله صلى الله عليه و سلم [ 2225 ] ( الشؤم فى الدار والمرأة والفرس ) وفى رواية انما الشؤم فى ثلاثة المرأة والفرس والدار وفى [ 2226 ] رواية ان كان الشؤم فى شيء ففى الفرس والمسكن والمرأة [ 2227 ] وفى رواية ان كان فى شيء ففى الربع والخادم والفرس واختلف العلماء فى هذا الحديث فقال مالك وطائفة هو على ظاهره وأن الدار قد يجعل الله تعالى
(14/220)

سكناها سببا للضرر أو الهلاك وكذا اتخاذ المرأة المعينة أو الفرس أو الخادم قد يحصل الهلاك عنده بقضاء الله تعالى ومعناه قد يحصل الشؤم فى هذه الثلاثة كما صرح به فى رواية إن يكن الشؤم فى شيء وقال الخطابى وكثيرون هو فى معنى الاستثناء من الطيرةأى الطيرة منهى عنها إلا أن يكون له دار يكره سكناها أوامرأة يكره صحبتها أو فرس أوخادم فليفارق الجميع بالبيع ونحوه وطلاق المرأة وقال آخرون شؤم الدار ضيقها وسوء جيرانها وأذاهم وشؤم المرأة عدم ولادتها
(14/221)

وسلاطة لسانها وتعرضها للريب وشؤم الفرس أن لايغزى عليها وقيل حرانها وغلاء ثمنها وشؤم الخادم سوءخلقه وقلة تعهده لما فوض إليه وقيل المراد بالشؤم هنا عدم الموافقة واعترض بعض الملاحدة بحديث لاطيرة على هذا فأجاب بن قتيبة وغيره بان هذا مخصوص من حديث لا طيرة إلا في هذه الثلاثة قال القاضي قال بعض العلماء الجامع لهذه الفصول السابقة فى الأحاديث ثلاثة أقسام أحدها مالم يقع الضرر به ولا اطردت عادة خاصة ولاعامة فهذا لايلتفت إليه وأنكر الشرع الالتفات إليه وهو الطيرة والثانى ما يقع عنده الضرر عموما الايخصه وزاد لامتكرا كالو باء فلايقدم عليه ولايخرج منه والثالث ما يخص ولا يعم كالدار والفرس والمرأة فهذا يباح الفرار منه والله أعلم
(14/222)