باب النهي عن سب الدهر
 
( كتاب الألفاظ من الأدب وغيرها )
باب النهي عن سب الدهر قوله سبحانه وتعالى [ 2246 ] ( يسب بن آدم الدهر وأنا الدهر بيدي الليل والنهار ) وفي رواية قال الله تعالى عزوجل يؤذيني بن آدم يسب الدهر وأنا الدهر أقلب الليل والنهار وفي رواية يؤذيني بن آدم يقول يا خيبة الدهر فلا يقولن أحدكم ياخيبة الدهر فإنى أنا الدهر أقلب ليله ونهاره فاذا شئت قبضتهما وفي رواية لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر أما قوله عز و جل يؤذيني بن آدم فمعناه يعاملني معاملة توجب الأذى في حقكم وأما قوله غز وجل وانا الدهر فانه برفع الراء هذا هو الصواب المعروف الذي قاله الشافعي وأبو عبيد وجماهير المتقدمين والمتأخرين وقال أبو بكر ومحمد بن داود الاصبهاني الطاهري إنما هو الدهر بالنصب على الظرف أي أنا مدة الدهر أقلب ليله ونهاره وحكى بن عبد البر هذه
(15/2)

الرواية عن بعض أهل العلم وقال النحاس يجوز النصب أي فان الله باق مقيم أبدا لا يزول قال القاضي قال بعضهم هو منصوب على التخصيص قال والظرف أصح وأصوب أما رواية الرفع وهي الصواب فموافقة لقوله فان الله هو الدهر قال العلماء وهو مجاز وسببه ان العرب كان شأنها أن تسب الدهر عند النوازل والحوادث والمصائب النازلة بها من موت أو هرم أو تلف مال أو غير ذلك فيقولون يا خيبة الدهر ونحو هذا من ألفاظ سب الدهر فقال النبي صلى الله عليه و سلم لا تسبوا الدهر فان الله هو الدهر أي لا تسبوا فاعل النوازل فانكم اذا سببتم فاعلها وقع السب على الله تعالى لأنه هو فاعلها ومنزلها وأما الدهر الذي هو الزمان فلا فعل له بل هو مخلوق من جملة خلق الله تعالى ومعنى فإن الله هو الدهر أي فاعل النوازل والحوادث وخالق الكائنات والله آعلم
(15/3)