باب حكم اطلاق لفظة العبد والأمة والمولى والسيد )
 
قوله صلى الله عليه و سلم [ 2249 ] ( لا يقولن أحدكم عبدي وأمتي كلكم عبيد الله وكل نسائكم اماء الله
(15/5)

ولكن ليقل غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي ) وفي رواية ولا يقل العبد ربي ولكن ليقل سيدي وفي رواية ولا يقل العبد لسيده مولاي فان مولاكم الله وفي رواية لا يقولن أحدكم اسق ربك أو أطعم ربك وضئ ربك ولا يقل أحدكم ربي وليقل سيدي ومولاي ولا يقل أحدكم عبدي أمتي وليقل فتاي فتاتي غلامي قال العلماء مقصود الأحاديث شيئان أحدهما نهى المملوك أن يقول لسيده ربي لأن الربوبية انما حقيقتها لله تعالى لأن الرب هو المالك أو القائم بالشئ ولا يوجد حقيقة هذا إلا في الله تعالى فان قيل فقد قال النبي صلى الله عليه و سلم في أشراط الساعة أن تلد الامة ربتها أو ربها فالجواب من وجهين أحدهما أن الحديث الثاني لبيان الجواز وأن النهي في الأول للأدب وكراهة التنزيه لا للتحريم والثاني أن المراد النهي عن الاكثار من استعمال هذه اللفظة واتخاذها عادة شائعة ولم ينه عن اطلاقها في نادر من الأحوال واختار القاضي هذا الجواب ولا نهي في قول المملوك سيدي لقوله صلى الله عليه و سلم ليقل سيدي لأن لفظة السيد غير مختصة بالله تعالى اختصاص الرب ولا مستعملة فيه كاستعمالها حتى نقل القاضي عن مالك أنه كره الدعاء بسيدي ولم يأت تسمية الله تعالى بالسيد
(15/6)

في القرآن ولا في حديث متواتر وقد قال النبي صلى الله عليه و سلم إن ابني هذا سيد وقوموا إلى سيدكم يعني سعد بن معاذ وفي الحديث الآخر اسمعوا ما يقول سيدكم يعني سعد بن عبادة فليس في قول العبد سيدي اشكال ولا لبس لأنه يستعمله غير العبد والأمة ولا بأس أيضا بقول العبد لسيده مولاي فان المولى وقع على ستة عشر معنى سبق بيانها منها الناصر والمالك قال القاضي وأما قوله في كتاب مسلم في رواية وكيع وأبي معاوية عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة رفعه ولا يقل العبد لسيده مولاي فقد اختلف الرواة عن الأعمش في ذكر هذه اللفظة فلم يذكرها عنه آخرون وحذفها أصح والله أعلم الثاني يكره للسيد أن يقول لمملوكه عبدي وأمتي بل يقول غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي لأن حقيقة العبودية انما يستحقها الله تعالى ولأن فيها تعظيما بما لا يليق بالمخلوق استعماله لنفسه وقد بين النبي صلى الله عليه و سلم العلة في ذلك فقال كلكم عبيد الله فنهى عن التطاول في اللفظ كما نهى عن التطاول في الأفعال وفي اسبال الازار وغيره وأما غلامي وجاريتي وفتاي وفتاتي فليست دالة على الملك كدلالة عبدي مع إنها تطلق على الحر والمملوك وانما هي للاختصاص قال الله تعالى واذ قال موسى لفتاه وقال لفتيانه وقال لفتيته قالوا سمعنا فتى يذكرهم وأما استعمال الجارية في الحرة الصغيرة فمشهور معروف في الجاهلية والاسلام والظاهر أن المراد بالنهي من استعمله على جهة التعاظم والارتفاع لا للوصف والتعريف والله أعلم
(