باب استعمال المسك وأنه أطيب الطيب )
 
( وكراهة رد الريحان والطيب ) قوله صلى الله عليه و سلم [ 2252 ] ( والمسك أطيب الطيب ) فيه أنه أطيب الطيب وأفضله وأنه طاهر يجوز استعماله في البدن والثوب ويجوز بيعه وهذا كله مجمع عليه ونقل آصحابنا فيه عن الشيعة مذهبا
(15/8)

باطلا وهم محجوجون باجماع المسلمين وبالأحاديث الصحيحة في استعمال النبي صلى الله عليه و سلم له واستعمال أصحابه قال أصحابنا وغيرهم هو مستثنى من القاعدة المعروفة أن ما أبين من حي فهو ميت أو يقال أنه في معنى الجنين والبيض واللبن وأما اتخاذ المرأة القصيرة رجلين من خشب حتى مشت بين الطويلتين فلم تعرف فحكمه في شرعنا أنها ان قصدت به مقصودا صحيحا شرعيا بأن قصدت ستر نفسها لئلا تعرف فتقصد بالأذى أو نحو ذلك فلا بأس به وان قصدت به التعاظم أو التشبه بالكاملات تزويرا على الرجال وغيرهم فهو حرام قوله صلى الله عليه و سلم [ 2253 ] ( من عرض عليه ريحان فلا يرده فانه خفيف المحمل طيب الريح ) المحمل هنا بفتح الميم الأولى وكسر الثانية كالمجلس والمراد به الحمل بفتح الحاء أي خفيف الحمل ليس بثقيل وقوله صلى الله عليه و سلم فلا يرده برفع الدال على الفصيح المشهور وأكثر ما يستعمله من لا يحقق العربية بفتحها وقد سبق بيان هذه اللفظة وقاعدتها في كتاب الحج في حديث الصعب بن جثامة حين أهدى الحمار الوحشي فقال صلى الله عليه و سلم انا لم نرده عليك إلا أنا حرم وأما الريحان فقال أهل اللغة وغريب الحديث في تفسير هذا الحديث هو كل نبت مشموم طيب الريح قال القاضي عياض بعد حكاية ما ذكرناه ويحتمل عندي أن يكون المراد به في هذا الحديث الطيب كله وقد وقع في رواية أبي داود في هذا الحديث من عرض عليه طيب وفي صحيح البخاري كان النبي صلى الله عليه و سلم لا يرد
(15/9)

الطيب والله أعلم وفي هذا الحديث كراهة رد الريحان لمن عرض عليه إلا لعذر قوله [ 2254 ] ( كان بن عمر اذا استجمر استجمر بألوة غير مطراة أو بكافور يطرحه مع الألوة ثم قال هكذا كان يستجمر رسول الله صلى الله عليه و سلم ) الاستجمار هنا استعمال الطيب والتبخر به مأخوذ من المجمر وهو البخور وأما الألوة فقال الأصمعي وأبو عبيد وسائر أهل اللغة والغريب هي العود يتبخر به قال الأصمعي أراها فارسية معربة وهي بضم اللام وفتح الهمزة وضمها لغتان مشهورتان وحكى الأزهري كسر اللام قال القاضي وحكى عن الكسائي ألية قال القاضي قال غيره وتشدد وتخفف وتكسر الهمزة وتضم وقيل لوة ولية وقوله غير مطراة أي غير مخلوطة بغيرها من الطيب ففي هذا الحديث استحباب الطيب للرجال كما هو مستحب للنساء لكن يستحب للرجال من الطيب ما ظهر ريحه وخفي لونه وأما المرأة فاذا أرادت الخروج إلى المسجد أو غيره كره لها كل طيب له ريح ويتأكد استحبابه للرجال يوم الجمعة والعيد عند حضور مجامع المسلمين ومجالس الذكر والعلم وعند ارادتة معاشرة زوجته ونحو ذلك والله أعلم
(15/10)