باب كثرة حيائه صلى الله عليه و سلم )
 
قوله [ 2320 ] ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم أشد حياء من العذراء في خدرها وكان إذا كره شيئا عرفناه في وجهه ) العذراء البكر لأن عذرتها باقية وهي جلدة البكارة والخدر ستر يجعل للبكر في جنب البيت ومعنى عرفنا الكراهة في وجهه أي لا يتكلم به لحيائه بل يتغير وجهه فنفهم نحن كراهته وفيه فضيلة الحياء وهو من شعب الإيمان وهو خير كله ولا يأتي إلا بخير وقد سبق هذا كله في كتاب الايمان وشرحناه واضحا وهو محثوث عليه مالم ينته إلى الضعف والنخو كما سبق قوله [ 2321 ] ( لم يكن فاحشا ولا متفحشا ) قال القاضي أصل الفحش الزيادة والخروج عن الحد قال الطبري الفاحش البذيء قال بن عرفة الفواحش عند العرب القبائح قال الهروي الفاحش ذو الفحش والمتفحش الذي يتكلف الفحش ويتعمده لفساد حاله قال وقد يكون المتفحش الذي يأتي الفاحشة قوله صلى الله عليه و سلم ( إن من خياركم أحاسنكم أخلاقا ) فيه الحث على حسن الخلق وبيان فضيلة صاحبه وهو صفة أنبياء الله تعالى وأوليائه قال الحسن البصري حقيقة حسن الخلق بذل المعروف وكف الأذى وطلاقة الوجه قال القاضي عياض هو مخالطة الناس بالجميل والبشر
(15/78)

والتودد لهم والاشفاق عليهم واحتمالهم والحلم عنهم والصبر عليهم في المكاره وترك الكبر والاستطالة عليهم ومجانبة الغلظ والغضب والمؤاخذة قال وحكى الطبري خلافا للسلف في حسن الخلق هل هو غريزة أم مكتسب قال القاضي والصحيح أن منه ماهو غريزة ومنه ما يكتسب بالتخلق والإقتداء بغيره والله أعلم
(