( باب من فضائل أبي سفيان صخر بن حرب رضي الله عنه
 
قوله [ 2501 ] ( أحمد بن جعفر المعقري ) هو بفتح الميم واسكان العين المهملة وبكسر القاف منسوب إلى معقر وهي ناحية من اليمن قوله ( حدثنا أبو زميل قال حدثني بن عباس قال كان المسلمون لا ينظرون إلى أبي سفيان ولا يقاعدونه فقال للنبي صلى الله عليه و سلم يا نبي الله ثلاث أعطنيهن قال نعم قال عندي أحسن العرب وأجمله أم حبيبة بنت أبي سفيان أزوجكها قال نعم قال ومعاوية تجعله كاتبا بين يديك قال نعم قال وتؤمرني حتى أقاتل الكفار كما كنت أقاتل المسلمين قال نعم )
(16/62)

قال أبو زميل ولولا أنه طلب ذلك من النبي صلى الله عليه و سلم ما أعطاه ذلك لأنه لم يكن يسأل شيئا إلا قال نعم ) أما أبو زميل فبضم الزاي وفتح الميم واسكان الياء واسمه سماك بن الوليد الحنفي اليمامي ثم الكوفي وأما قوله أحسن العرب وأجمله فهو كقوله كان النبي صلى الله عليه و سلم أحسن الناس وجها وأحسنه خلقا وقد سبق شرحه في فضائل النبي صلى الله عليه و سلم ومثله الحديث بعده في نساء قريش أحناه على ولد وأرعاه لزوج قال أبوحاتم السجستاني وغيره أي وأجملهم وأحسنهم وأرعاهم لكن لا يتكلمون به الا مفردا قال النحويون معناه وأجمل من هناك واعلم أن هذا الحديث من الاحاديث المشهورةبالاشكال ووجه الاشكال أن أبا سفيان أنما أسلم يوم فتح مكة سنة ثمان من الهجرة وهذا مشهور لا خلاف فيه وكان النبي صلى الله عليه و سلم قد تزوج أم حبيبة قبل ذلك بزمان طويل قال أبو عبيدة وخليفة بن خياط وبن البرقي والجمهور تزوجها سنة ست وقيل سنة سبع قال القاضي عياض واختلفوا أين تزوجها فقيل بالمدينة بعد قدومها من الحبشة وقال الجمهور بأرض الحبشة قال واختلفوا فيمن عقد له عليها هناك فقيل عثمان وقيل خالد بن سعيد بن العاصي بإذنها وقيل النجاشي لانه كان أمير الموضع وسلطانه قال القاضي والذي في مسلم هنا أنه زوجها أبو سفيان غريب جدا وخبرها مع أبي سفيان حين ورد المدينة في حال كفره مشهور ولم يزد القاضي على هذا وقال بن حزم هذا الحديث وهم من بعض الرواة لانه لا خلاف بين الناس أن النبي صلى الله عليه و سلم تزوج أم حبيبة قبل الفتح بدهر وهي بأرض الحبشة وأبوها كافر وفي رواية عن بن حزم ايضا أنه قال موضوع قال والآفة فيه من عكرمة بن عمار الراوي عن أبي زميل وأنكر الشيخ أبو عمرو بن الصلاح رحمه الله هذا على بن حزم وبالغ في الشناعة عليه قال وهذا القول من جسارته فانه كان هجوما على تخطئة الائمة الكبار وإطلاق اللسان فيهم قال ولا نعلم أحدا من أئمة الحديث نسب عكرمة بن عمار إلى وضع الحديث وقد وثقه وكيع ويحيى بن معين وغيرهما وكان مستجاب الدعوة قال وما توهمه بن حزم من منافاة هذا الحديث لتقدم زواجها غلط منه وغفلة لانه يحتمل انه سأله تجديد عقد النكاح تطييبا لقلبه لانه كان ربما يرى عليها غضاضة من رياسته ونسبه أن تزوج بنته بغير رضاه أو أنه ظن أن إسلام الأب في مثل هذا
(16/63)

يقتضي تجديد العقد وقد خفي أوضح من هذا على أكبر مرتبة من أبي سفيان ممن كثر علمه وطالت صحبته هذا كلام أبي عمرو رحمه الله وليس في الحديث أن النبي صلى الله عليه و سلم جدد العقد ولا قال لأبي سفيان أنه يحتاج إلى تجديده فلعله صلى الله عليه و سلم أراد بقوله نعم أن مقصودك يحصل وإن لم يكن بحقيقة عقد والله اعلم