( باب تحريم سب الصحابة )
 
قوله [ 2540 ] ( حدثنا يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة ومحمد بن العلاء عن أبي معاوية عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال قال رسول الله صلى الله عليه و سلم لا تسبوا اصحابي ) قال أبو علي الجياني قال أبو مسعود الدمشقي هذا وهم والصواب من حديث أبي معاوية عن الاعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد الخدري لا عن أبي هريرة وكذا رواه يحيى بن يحيى وأبو بكر بن أبي شيبة وأبو كريب والناس قال وسئل الدارقطني عن اسناد هذا الحديث فقال يرويه الاعمش واختلف عنه فرواه زيد بن أبي أمية عنه عن أبي صالح عن أبي هريرة واختلف على أبي عوانة عنه فرواه عفان ويحيى بن حماد عن أبي عوانة عن الاعمش كذلك ورواه مسدد وأبو كامل وشيبان عن أبي عوانة فقالوا عن أبي هريرة وأبي سعيد وكذا قال نصر بن علي عن أبي داود والخرشي عن الاعمش والصواب من روايات الاعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد ورواه زائدة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة والصحيح عن أبي صالح عن أبي سعيد والله اعلم
(16/92)

واعلم ان سب الصحابة رضي الله عنهم حرام من فواحش المحرمات سواء من لابس الفتن منهم وغيره لانهم مجتهدون في تلك الحروب متأولون كما اوضحناه في أول فضائل الصحابة من هذا الشرح قال القاضي وسب احدهم من المعاصي الكبائر ومذهبنا ومذهب الجمهور انه يعزر ولا يقتل وقال بعض المالكية يقتل قوله صلى الله عليه و سلم [ 2541 ] ( لا تسبوا اصحابي فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد ذهبا ماأدرك مد أحدهم ولا نصيفه ) قال اهل اللغة النصيف النصف وفيه اربع لغات نصف بكسر النون ونصف بضمها ونصف بفتحها ونصيف بزيادة الياء حكاهن القاضي عياض في المشارق عن الخطابي ومعناه لو أنفق أحدكم مثل أحد ذهبا ما بلغ ثوابه في ذلك ثواب نفقة أحد أصحابي مدا ولا نصف مد قال القاضي ويؤيد هذا ما قدمناه في أول باب فضائل الصحابة عن الجمهور من تفضيل الصحابة كلهم على جميع من بعدهم وسبب تفضيل نفقتهم أنها كانت في وقت الضرورة وضيق الحال بخلاف غيرهم ولأن انفاقهم كان في نصرته صلى الله عليه و سلم وحمايته وذلك معدوم بعده وكذا جهادهم وسائر طاعتهم وقد قال الله تعالى لا يستوى منكم من أنفق من قبل الفتح وقاتل أولئك أعظم درجة الآية هذا كله مع ما كان في أنفسهم من الشفقة والتودد والخشوع والتواضع والايثار والجهاد في الله حق جهاده وفضيلة الصحبة ولو لحظة لا يوازيها عمل ولا تنال درجتها بشئ والفضائل لا تؤخذ بقياس ذلك فضل الله يؤتيه من يشاء قال القاضي ومن أصحاب الحديث من يقول هذه الفضيلة مختصة بمن طالت صحبته وقاتل معه وأنفق وهاجر ونصر لا لمن رآه مرة كوفود الاعراب أو صحبه آخرا بعد الفتح وبعد اعزاز الدين ممن لم يوجد له هجرة ولا أثر في الدين ومنفعة
(16/93)

المسلمين قال والصحيح هو الاول وعليه الاكثرون والله اعلم