( باب ثواب المؤمن فيما يصيبه )
 
من مرض أو حزن أو نحو ذلك حتى الشوكة يشاكها قولها [ 2570 ] ( ما رأيت رجلا أشد عليه الوجع من رسول الله صلى الله عليه و سلم ) قال العلماء الوجع هنا
(16/126)

المرض والعرب تسمي كل مرض وجعا قوله [ 2571 ] ( انك لتوعك وعكا شديدا ) الوعك باسكان العين قيل هو الحمى وقيل ألمها ومغثها وقد وعك الرجل يوعك فهو موعوك قوله ( يحيى بن عبد الملك بن أبي غنية
(16/127)

هو بالغين المعجمة والنون قوله [ 2572 ] ( ان عائشة رضي الله عنها قالت للذين ضحكوا ممن عثر بطنب فسطاط لا تضحكوا فيه النهي عن الضحك من مثل هذا الا أن يحصل غلبة لا يمكن دفعه وأما تعمده فمذموم لان فيه اشماتا بالمسلم وكسرا لقلبه والطنب بضم النون واسكانها هو الحبل الذي يشد به الفسطاط وهو الخباء ونحوه ويقال فستاط بالتاء بدل الطاء وفساط بحذفها مع تشديد السين والفاء مضمومة ومكسورة فيهن فصارت ست لغات قوله صلى الله عليه و سلم ( مامن مسلم يشاك شوكة فما فوقها الا كتبت له درجة ومحيت عنه بها خطيئة ) وفي رواية إلا رفعه الله بها درجة أو حط عنه بها خطيئة وفي بعض النسخ وحط عنه بها وفي رواية إلا كتب الله له بها حسنة أو حطت عنه بها خطيئة في هذه الاحاديث بشارة عظيمة للمسلمين فانه قلما ينفك الواحد منهم ساعة من شئ من هذه الامور وفيه تكفير الخطايا بالامراض والاسقام ومصايب الدنيا وهمومها وان قلت مشقتها وفيه رفع الدرجات بهذه الامور وزيادة الحسنات وهذا هو الصحيح الذي عليه جماهير العلماء وحكى القاضي عن بعضهم أنها تكفر الخطايا فقط ولا ترفع درجة ولا تكتب
(16/128)

حسنة قال وروي نحوه عن بن مسعود قال الوجع لا يكتب به أجر لكن تكفر به الخطايا فقط واعتمد على الاحاديث التي فيها تكفير الخطايا ولم تبلغه الاحاديث التي ذكرها مسلم المصرحة برفع الدرجات وكتب الحسنات قال العلماء والحكمة في كون الانبياء أشد بلاء ثم الامثل فالامثل أنهم مخصوصون بكمال الصبر وصحة الاحتساب ومعرفة أن ذلك نعمة من الله تعالى ليتم لهم الخير ويضاعف لهم الاجر ويظهر صبرهم ورضاهم قوله صلى الله عليه و سلم ( لا تصيب المؤمن من شوكة فما فوقها إلا قص الله بها من خطيئته ) هكذا هو في معظم النسخ قص وفي بعضها نقص
(16/129)

وكلاهما صحيح متقارب المعنى قوله صلى الله عليه و سلم [ 2573 ] ( ما يصيب المؤمن من وصب ولا نصب ولا سقم ولا حزن حتى الهم يهمه إلا كفر الله به من سيئاته ) الوصب الوجع اللازم ومنه قوله تعالى ولهم عذاب واصب أي لازم ثابت والنصب التعب وقد نصب ينصب نصبا كفرح يفرح فرحا ونصبه غيره وأنصبه لغتان والسقم بضم السين واسكان القاف وفتحهما لغتان وكذلك الحزن والحزن فيه اللغتان ويهمه قال القاضي هو بضم الياء وفتح الهاء على مالم يسم فاعله وضبطه غيره يهمه بفتح الياء وضم الهاء أي يغمه وكلاهما صحيح قوله [ 2574 ] ( عن بن محيصن شيخ من قريش قال مسلم هو عمر بن عبد الرحمن بن محيصن ) وهكذا هو في معظم نسخ بلادنا أن مسلما قال هو عمر بن عبد الرحمن وفي بعضها هو عبد الرحمن وكذا نقله القاضي عن بعض الرواة وهو غلط والصواب الاول ومحيصن بالنون في آخره ووقع في بعض نسخ المغاربة بحذفها وهو تصحيف قوله صلى الله عليه و سلم ( قاربوا ) أي اقتصدوا فلا تغلوا ولا تقصروا بل توسطوا ( وسددوا ) أي اقصدوا السداد وهو الصواب قوله صلى الله عليه و سلم ( حتى النكبة ينكبها ) وهي مثل العثرة يعثرها برجله
(16/130)

وربما جرحت اصبعه وأصل النكب الكب والقلب قوله صلى الله عليه و سلم [ 2575 ] ( مالك ياأم السائب تزفزفين ) بزاءين معجمتين وفاءين والتاء مضمومة قال القاضي تضم وتفتح هذا هو الصحيح المشهور في ضبط هذه اللفظة وادعى القاضي أنها رواية جميع رواة مسلم ووقع في بعض نسخ بلادنا بالراء والفاء ورواه بعضهم في غير مسلم بالراء والقاف معناه تتحركين حركة شديدة أي ترعدين [ 2576 ] وفي حديث المرأة التي كانت تصرع دليل على أن الصرع يثاب عليه أكمل ثواب
(16/131)



الموضوع التالي


( باب تحريم الظلم )