( باب نصر الاخ ظالما أو مظلوما )
 
قوله [ 2584 ] ( اقتتل غلامان ) أي تضاربا وقوله فنادى المهاجر يال المهاجرين ونادى الانصاري يال الانصار ) هكذا هو في معظم النسخ يال بلام مفصولة في الموضعين وفي بعضها يا للمهاجرين ويا للأنصار بوصلها وفي بعضها يا آل المهاجرين بهمزة ثم لام مفصولة واللام مفتوحة في الجميع وهي لام الاستغاثة والصحيح بلام موصولة ومعناه أدعو المهاجرين وأستغيث بهم وأما تسميته صلى الله عليه و سلم ذلك دعوى الجاهلية فهو كراهة منه لذلك فانه مما كانت عليه الجاهلية من التعاضد بالقبائل في أمور الدنيا ومتعلقاتها وكانت الجاهلية تأخذ حقوقها بالعصبات والقبائل فجاء الاسلام بإبطال ذلك وفصل القضايا بالاحكام الشرعية فاذا اعتدى انسان على آخر حكم القاضي بينهما وألزمه مقتضى عدوانه كما تقرر من قواعد الاسلام وأما قوله صلى الله عليه و سلم
(16/137)

في آخر هذه القصة لا بأس فمعناه لم يحصل من هذه القصة بأس مما كنت خفته فانه خاف أن يكون حدث أمر عظيم يوجب فتنة وفسادا وليس هو عائدا إلى رفع كراهة الدعاء بدعوى الجاهلية قوله 0فكسع أحدهما الآخر ) هو بسين مخففة مهملة أي ضرب دبره وعجيزته بيد أو رجل أو سيف وغيره قوله صلى الله عليه و سلم ( دعوها فانها منتنة ) أي قبيحة كريهة مؤذية قوله صلى الله عليه و سلم ( دعه لا يتحدث الناس أن محمدا يقتل اصحابه ) فيه ما كان عليه صلى الله عليه و سلم
(16/138)

من الحلم وفيه ترك بعض الامور المختارة والصبر على بعض المفاسد خوفا من أن تترتب علي ذلك مفسدة أعظم منه وكان صلى الله عليه و سلم يتألف الناس ويصبر على جفاء الاعراب والمنافقين وغيرهم لتقوى شوكة المسلمين وتتم دعوة الاسلام ويتمكن الايمان من قلوب المؤلفة ويرغب غيرهم في الاسلام وكان يعطيهم الاموال الجزيلة لذلك ولم يقتل المنافقين لهذا المعنى ولإظهارهم الاسلام وقد أمر بالحكم بالظاهر والله يتولى السرائر ولأنهم كانوا معدودين في اصحابه صلى الله عليه و سلم ويجاهدون معه إما حمية وإما لطلب دنيا أو عصبية لمن معه من عشائرهم قال القاضي واختلف العلماء هل بقي حكم الاغضاء عنهم وترك قتالهم أو نسخ ذلك عند ظهور الاسلام ونزول قوله تعالى جاهد الكفار والمنافقين وأنها ناسخة لما قبلها وقيل قول ثالث أنه إنما كان العفو عنهم مالم يظهروا نفاقهم فاذا أظهروه قتلوا