( باب فضل الرفق )
 
قوله صلى الله عليه و سلم [ 2592 ] ( من يحرم الرفق يحرم الخير ) وفي رواية [ 2593 ] أن الله رفيق يحب الرفق ويعطي على الرفق مالا يعطي على العنف ومالا يعطي على سواه وفي رواية [ 2594 ] لا يكون الرفق في شئ إلا زانه ولا ينزع من شئ إلا شانه وفي رواية عليك بالرفق أما العنف فبضم العين وفتحها وكسرها حكاهن القاضي وغير الضم أفصح وأشهر وهو ضد الرفق وفي هذه الاحاديث فضل الرفق والحث على التخلق وذم العنف والرفق سبب كل خير ومعنى يعطي على الرفق أي يثيب عليه مالا يثيب على غيره وقال القاضي معناه يتأتى به من الاغراض ويسهل من المطالب مالا يتأتى بغيره وأما قوله صلى الله عليه و سلم إن الله رفيق ففيه تصريح بتسميته سبحانه وتعالى ووصفه برفيق قال المازري لا يوصف الله سبحانه وتعالى الا بما سمى به نفسه أو سماه به رسول الله صلى الله عليه و سلم أو أجمعت الامة عليه وأما مالم يرد إذن في إطلاقه ولا ورد منع في وصف الله تعالى به ففيه خلاف منهم من قال يبقى على ما كان قبل ورود الشرع فلا يوصف بحل ولا
(16/145)

حرمة ومنهم من منعه قال وللاصوليين المتأخرين خلاف في تسمية الله تعالى بما ثبت عن النبي صلى الله عليه و سلم بخبر الآحاد فقال بعض حذاق الاشعرية يجوز لأن خبر الواحد عنده يقتضي العمل وهذا عنده من باب العمليات لكنه يمنع اثبات أسمائه تعالى بالأقيسة الشرعية وإن كانت يعمل بها في المسائل الفقهية وقال بعض متأخريهم يمنع ذلك فمن أجاز ذلك فهم من مسالك الصحابة قبولهم ذلك في مثل هذا ومن منع لم يسلم ذلك ولم يثبت عنده اجماع فيه فبقي على المنع قال المازري فاطلاق رفيق إن لم يثبت بغير هذا الحديث الآحاد جرى في جواز استعماله الخلاف الذي ذكرنا قال ويحتمل أن يكون رفيق صفة فعل وهي ما يخلقه الله تعالى من الرفق لعباده هذا آخر كلام المازري والصحيح جواز تسمية الله تعالي رفيقا وغيره مما ثبت بخبر الواحد وقد قدمنا هذا واضحا في كتاب الايمان في حديث أن الله جميل يحب الجمال في باب تحريم الكبر وذكرنا أنه اختيار امام الحرمين
(16/146)