( باب النهي عن لعن الدواب وغيرها )
 
قوله صلى الله عليه و سلم في الناقة التي لعنتها المرأة [ 2595 ] ( خذوا ما عليها ودعوها فإنها ملعونة ) وفي رواية [ 2596 ] لا تصاحبنا ناقة عليها لعنة انما قال هذا زجرا لها ولغيرها وكان قد سبق نهيها ونهى غيرها عن اللعن فعوقبت بارسال الناقة والمراد النهي عن مصاحبته لتلك الناقة في الطريق وأما بيعها وذبحها وركوبها
(16/147)

في غير مصاحبته صلى الله عليه و سلم وغير ذلك من التصرفات التي كانت جائزة قبل هذا فهي باقية على الجواز لأن الشرع إنما ورد بالنهي عن المصاحبة فبقي الباقي كما كان وقوله ناقة ورقاء بالمد أي يخالط بياضها سواد والذكر أورق وقيل هي التي لونها كلون الرماد قوله ( فقالت حل ) هي كلمة زجر للابل واستحثاث يقال حل حل باسكان اللام فيهما قال القاضي ويقال أيضا حل حل بكسر اللام فيهما بالتنوين وبغير تنوين قوله صلى الله عليه و سلم ( خذوا ما عليها وأعروها ) هو بهمزة قطع وبضم الراء يقال أعريته وعريته اعراء وتعرية فتعرى والمراد هنا خذوا ما عليها من المتاع ورحلها وآلتها قوله صلى الله عليه و سلم [ 2597 ] ( لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا ولا يكون اللعانون شهداء ولا شفعاء يوم القيامة ) فيه الزجر عن اللعن وأن من تخلق به لا يكون فيه هذه الصفات الجميلة لأن اللعنة في الدعاء يراد بها الابعاد من رحمة الله تعالى وليس الدعاء بهذا من أخلاق المؤمنين الذين وصفهم الله تعالى بالرحمة بينهم والتعاون على البر والتقوى وجعلهم كالبنيان يشد بعضه بعضا وكالجسد الواحد وأن المؤمن يحب لاخيه ما يحب لنفسه فمن دعا على اخيه المسلم باللعنة وهي الابعاد من رحمة الله تعالى فهو من نهاية المقاطعة والتدابر وهذا غاية ما يوده المسلم للكافر ويدعو عليه ولهذا جاء في الحديث الصحيح لعن المؤمن كقتله لأن القاتل يقطعه
(16/148)

عن منافع الدنيا وهذا يقطعه عن نعيم الآخرة ورحمة الله تعالى وقيل معنى لعن المؤمن كقتله في الإثم وهذا أظهر وأما قوله صلى الله عليه و سلم انهم لا يكونون شفعاء ولا شهداء فمعناه لا يشفعون يوم القيامة حين يشفع المؤمنون في اخوانهم الذين استوجبوا النار ولا شهداء فيه ثلاثة أقوال اصحها واشهرها لا يكونون شهداء يوم القيامة على الامم بتبليغ رسلهم اليهم الرسالات والثاني لا يكونون شهداء في الدنيا أي لا تقبل شهادتهم لفسقهم والثالث لا يرزقون الشهادة وهي القتل في سبيل الله وانما قال صلى الله عليه و سلم لا ينبغي لصديق أن يكون لعانا ولا يكون اللعانون شفعاء بصيغة التكثير ولم يقل لاعنا واللاعنون لان هذا الذم في الحديث انما هو لمن كثر منه اللعن لا لمرة ونحوها ولانه يخرج منه ايضا اللعن المباح وهو الذي ورد الشرع به وهو لعنه الله على الظالمين لعن الله اليهود والنصارى لعن الله الواصلة والواشمة وشارب الخمر وآكل الربا وموكله وكاتبه وشاهديه والمصورين ومن انتمى إلى غير أبيه وتولى غير مواليه وغير منار الارض وغيرهم ممن هو مشهور في الاحاديث الصحيحة قوله [ 2598 ] ( بعث إلى أم الدرداء بأنجاد من عنده ) بفتح الهمزة وبعدها نون ثم جيم وهو جمع نجد بفتح النون والجيم وهومتاع البيت الذي يزينه من فرش ونمارق وستور وقاله الجوهري باسكان الجيم قال وجمعه نجود
(16/149)

حكاه عن ابي عبيد فهما لغتان ووقع في رواية بن ماهان بخادم بالخاء المعجمة والمشهور الاول