( باب قبح الكذب وحسن الصدق وفضله )
 
قوله صلى الله عليه و سلم [ 2607 ] ( أن الصدق يهدي إلى البر وإن البر يهدي إلى الجنة وإن الكذب يهدي إلى الفجور وإن الفجور يهدي إلى النار ) قال العلماء معناه أن الصدق يهدي إلى العمل الصالح الخالص من كل مذموم والبر اسم جامع للخير كله وقيل البر الجنة ويجوز أن يتناول العمل الصالح والجنة وأما الكذب فيوصل إلى الفجور وهوالميل عن الاستقامة وقيل الانبعاث في المعاصي قوله صلى الله عليه و سلم ( وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابا ) وفي رواية ليتحرى الصدق وليتحرى الكذب وفي رواية عليكم بالصدق فان الصدق يهدي إلى البر واياكم والكذب قال العلماء هذا فيه حث على تحري الصدق وهو قصده والاعتناء به وعلى التحذير من الكذب والتساهل فيه فانه اذا تساهل فيه كثر منه فعرف به وكتبه الله لمبالغته صديقا إن اعتاده أو كذابا إن اعتاده ومعنى يكتب هنا يحكم له بذلك ويستحق الوصف بمنزلة الصديقين وثوابهم او صفة الكذابين وعقابهم والمراد اظهار ذلك للمخلوقين اما بأن يكتبه في ذلك ليشتهر بحظه من الصفتين في الملأ الأعلى واما بأن يلقي ذلك في قلوب الناس والسنتهم كما يوضع له القبول والبغضاء والا فقدر الله تعالى
(16/160)

وكتابه السابق قد سبق بكل ذلك والله اعلم واعلم أن الموجود في جميع نسخ البخاري ومسلم ببلادنا وغيرها أنه ليس في متن الحديث الا ما ذكرناه وكذا نقله القاضي عن جميع النسخ وكذا نقله الحميدي ونقل أبو مسعود الدمشقي عن كتاب مسلم في حديث بن مثنى وبن بشار زيادة وإن شر الروايا روايا الكذب وإن الكذب لا يصلح منه جدولا هزل ولا يعد الرجل صبيه ثم يخلفه وذكر ابو مسعود أن مسلما روى هذه الزيادة في كتابه وذكرها ايضا ابو بكر البرقاني في هذا الحديث قال الحميدي وليست عندنا في كتاب مسلم قال القاضي الروايا هنا جمع روية وهي ما يتروى فيه الانسان ويستعد به أمام عمله وقوله قال وقيل جمع راوية أي حامل وناقل له والله اعلم