( باب النهي عن ضرب الوجه )
 
قوله صلى الله عليه و سلم [ 2612 ] ( اذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب ) وفي رواية اذا ضرب أحدكم وفي رواية لا يلطمن الوجه وفي رواية اذا قاتل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فان الله خلق آدم على صورته قال العلماء هذا تصريح بالنهي عن ضرب الوجه لأنه لطيف يجمع المحاسن وأعضاؤه نفيسة لطيفة وأكثر الادراك بها فقد يبطلها ضرب الوجه وقد ينقصها وقد يشوه الوجه والشين فيه فاحش لانه بارز ظاهر لا يمكن ستره ومتى ضربه لا يسلم من شين غالبا ويدخل في النهي اذا ضرب زوجته أو ولده أو عبده ضرب تأديب فليجتنب الوجه واما قوله صلى الله عليه و سلم
(16/165)

( فان الله خلق آدم على صورته ) فهو من احاديث الصفات وقد سبق في كتاب الايمان بيان حكمها واضحا ومبسوطا وأن من العلماء من يمسك عن تأويلها ويقول نؤمن بانها حق وأن ظاهرها غير مراد ولها معنى يليق بها وهذا مذهب جمهور السلف وهو أحوط وأسلم والثاني انها تتأول على حسب ما يليق بتنزيه الله تعالى وإنه ليس كمثله شئ قال المازري هذا الحديث بهذا اللفظ ثابت ورواه بعضهم ان الله خلق آدم على صورة الرحمن وليس بثابت عند اهل الحديث وكأن من نقله رواه بالمعنى الذي وقع له وغلط في ذلك قال المازري وقد غلط بن قتيبة في هذا الحديث فأجراه على ظاهره وقال لله تعالى صورة لا كالصور وهذا الذي قاله ظاهر الفساد لأن الصورة تفيد التركيب وكل مركب محدث والله تعالى ليس بمحدث فليس هو مركبا فليس مصورا قال وهذا كقول المجسمة جسم لا كالاجسام لما رأوا اهل السنة يقولون الباري سبحانه وتعالى شئ لا كالاشياء طردوا الاستعمال فقالوا جسم لا كالاجسام والفرق أن لفظ شئ لا يفيد الحدوث ولا يتضمن ما يقتضيه وأما جسم وصورة فيتضمنان التأليف والتركيب وذلك دليل الحدوث قال العجب من بن قتيبة في قوله صورة لا كالصور مع أن ظاهر الحديث على رأيه يقتضي خلق آدم على صورته فالصورتان على رأيه سواء فاذا قال لا كالصور تناقض قوله ويقال له ايضا إن أردت بقولك صورة لا كالصور أنه ليس بمؤلف ولا مركب فليس بصورة حقيقة وليست اللفظة على ظاهرها وحينئذ يكون موافقا على افتقاره إلى التأويل واختلف العلماء في تأويله فقالت طائفة الضمير في صورته عائد على الأخ المضروب وهذا ظاهر رواية مسلم وقالت طائفة يعود إلى آدم وفيه ضعف وقالت طائفة يعود إلى الله تعالى ويكون المراد اضافة تشريف واختصاص كقوله تعالى ناقة الله وكما يقال في الكعبة بيت الله ونظائره والله اعلم قوله ( حدثنا قتادة عن يحيى بن مالك المراغي عن ابي هريرة ) المراغي بفتح الميم وبالغين المعجمة منسوب إلى المراغة بطن من الأزد
(16/166)

لا إلى البلد المعروفة بالمراغة من بلاد العجم وهذا الذي ذكرناه من ضبطه وأنه منتسب إلى بطن من الأزد هو الصحيح المشهور ولم يذكر الجمهور غيره وذكر بن جرير الطبري أنه منسوب إلى موضع بناحية عمان وذكر الحافظ عبدالغني المقدسي أنه المراغي بضم الميم ولعله تصحيف من الناسخ والمشهور الفتح وهو الذي صرح به ابو علي الغساني الجياني والقاضي في المشارق والسمعاني في الانساب وخلائق وهو المعروف في الرواية وكتب الحديث قال السمعاني وقيل أنه بكسر الميم قال والمشهور الفتح والله اعلم