( باب تصريف الله تعالى القلوب كيف شاء )
 
قوله صلى الله عليه و سلم [ 2654 ] ( إن قلوب بني آدم كلها بين إصبعين من أصابع الرحمن كقلب واحد يصرفه حيث يشاء هذا من أحاديث الصفات وفيها القولان السابقان قريبا أحدهما الايمان بها من غير تعرض لتأويل ولا لمعرفة المعنى بل يؤمن بأنها حق وأن ظاهرها غير مراد قال الله تعالى ليس كمثله شئ والثاني يتأول بحسب ما يليق بها فعلى هذا المراد المجاز كما يقال فلان في قبضتي وفي كفي لا يراد به أنه حال في كفه بل المراد تحت قدرتي ويقال فلان بين إصبعي أقلبه كيف شئت اي انه مني على قهره والتصرف فيه كيف شئت فمعنى الحديث انه سبحانه وتعالى متصرف في قلوب عباده وغيرها كيف شاء لا يمتنع عليه منها شئ ولا يفوته ما أراده كما لايمتنع على الانسان ما كان بين إصبعيه فخاطب العرب بما يفهمونه ومثله بالمعاني الحسية تأكيدا له في نفوسهم فان قيل فقدرة الله تعالى واحدة والاصبعان للتثنية فالجواب أنه قد سبق أن هذا مجاز واستعارة فوقع التمثيل بحسب ما اعتادوه غير مقصود به التثنية والجمع والله أعلم