( باب قدر على بن آدم حظه من الزنى وغيره )
 
قوله [ 2657 ] ( ما رأيت شيئا أشبه باللمم مما قاله ابو هريرة ان النبي صلى الله عليه و سلم قال أن الله كتب على بن آدم حظه من الزنى أدرك ذلك لا محالة فزنا العينين النظر وزنا اللسان النطق والنفس تمنى وتشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه ) وفي الرواية الثانية كتب على بن آدم نصيبه من الزنى مدرك ذلك لا محالة فالعينان زناهما النظر والاذنان زناهما الاستماع واللسان زناه الكلام واليد زناها البطش والرجل زناها الخطى والقلب يهوى ويتمنى ويصدق ذلك الفرج ويكذبه
(16/205)

معنى الحديث أن بن آدم قدر عليه نصيب من الزنى فمنهم من يكون زناه حقيقيا بادخال الفرج في الفرج الحرام ومنهم من يكون زناه مجازا بالنظر الحرام اوالاستماع إلى الزنى وما يتعلق بتحصيله او بالمس باليد بأن يمس أجنبية بيده او يقبلها او بالمشي بالرجل إلى الزنى اوالنظر او اللمس او الحديث الحرام مع اجنبية ونحو ذلك او بالفكر بالقلب فكل هذه انواع من الزنى المجازي والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه معناه أنه قد يحقق الزنى بالفرج وقد لا يحققه بأن لا يولج الفرج في الفرج وان قارب ذلك والله اعلم واما قول بن عباس ما رايت شيئا اشبه باللمم مما قال ابو هريرة فمعناه تفسير قوله تعالى الذين يجتنبون كبائر الاثم والفواحش إلا اللمم إن ربك واسع المغفرة ومعنى الآية والله اعلم الذين يجتنبون المعاصي غير اللمم يغفر لهم اللمم كما في قوله تعالى إن تجتنبوا كبائر ما تنهون عنه نكفر عنكم سيئاتكم فمعنى الآيتين أن اجتناب الكبائر يسقط الصغائر وهي اللمم وفسره بن عباس بما في هذا الحديث من النظر واللمس ونحوهما وهو كما قال هذا هو الصحيح في تفسير اللمم وقيل ان يلم بالشئ ولا يفعله وقيل الميل إلى الذنب ولا يصر عليه وقيل غير ذلك مما ليس بظاهر واصل اللمم والالمام الميل إلى الشئ وطلبه من غير مداومة والله اعلم
(16/206)