( باب الحث على ذكر الله تعالى
 
[ 2675 ] قوله عز و جل ( أنا عند ظن عبدي بي ) قال القاضي قيل معناه بالغفران له اذا استغفر والقبول اذا تاب والاجابة اذا دعا والكفاية اذا طلب الكفاية وقيل المراد به الرجاء وتأميل العفو وهذا اصح قوله تعالى وانا معه حين يذكرني أي معه بالرحمة والتوفيق والهداية والرعاية وأما قوله تعالى وهو معكم أينما كنتم فمعناه بالعلم والاحاطة قوله تعالى إن ذ كرني فى نفسه ذكرته في نفسي قال المازري النفس تطلق في اللغة على معان منها الدم ومنها نفس الحيوان وهما مستحيلان فى حق الله تعالى ومنها الذات والله تعالى له ذات حقيقة وهو المراد بقوله تعالى فى نفسى ومنها الغيب وهو أحد الأقوال فى قوله تعالى تعلم ما فى نفسى ولا أعلم ما فى نفسك أى ما فى غيبى فيجوز أن يكون أيضا مراد الحديث أي اذا ذكرني خاليا اثابه الله وجازاه عما عمل )
(17/2)

بما لا يطلع عليه أحد قوله تعالى وان ذكرني في ملأ ذكرته في ملأ هم خير منهم هذا مما استدلت به المعتزلة ومن وافقهم على تفضيل الملائكة على الانبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين واحتجوا أيضا بقوله تعالى ولقد كرمنا بني آدم وحملناهم في البر والبحر ورزقناهم من الطيبات وفضلناهم على كثير ممن خلقنا تفضيلا فالتقييد بالكثير احتراز من الملائكة ومذهب اصحابنا وغيرهم ان الأنبياء افضل من الملائكة لقوله تعالى فى بني إسرائيل وفضلناهم على العالمين والملائكةمن العالمين ويتأول هذا الحديث على ان الذاكرين غالبا يكونون طائفة لانبى فيهم فاذا ذكره الله تعالى فى خلائق من الملائكة كانوا خيرا من تلك الطائفة قوله تعالى وان تقرب منى شبرا تقربت إليه ذراعا وان تقرب إلى ذراعا تقربت منه باعا وان أتاني يمشى أتيته هرولة هذا الحديث من أحاديث الصفات ويستحيل إرادة ظاهرة وقد سبق الكلام فى احاديث الصفات مرات ومعناه من تقرب إلى بطاعتى تقربت إليه برحمتي والتوفيق والاعانه وان زاد زدت فإن أتانى يمشي وأسرع في طاعتي اتيته هرولة أي صببت عليه الرحمة وسبقته بها ولم احوجه إلى المشى الكثير في الوصول الي المقصود والمراد ان جزاءه يكون تضعيفه
(17/3)

على حسب تقربه قوله تعالى في رواية محمد بن جعفر واذا تلقاني بباع جئته أتيته هكذا هو فى اكثر النسخ جئته اتيته وفي بعضها جئته بأسرع فقط وفي بعضها اتيته وهاتان ظاهرتان والأول صحيح ايضا والجمع بينهما للتوكيد وهو حسن لا سيما عند اختلاف اللفظ والله أعلم [ 2676 ] قوله جبل يقال له جمدان هو بضم الجيم واسكان الميم قوله صلى الله عليه و سلم سبق المفردون قالوا وما المفردون يا رسول الله قال الذاكرون الله كثيرا والذاكرات هكذا الروايه فيه المفردون بفتح الفاء وكسر الراء المشددة وهكذا نقله القاضي عن متقنى شيوخهم وذكر غيره أنه روى بتخفيفها واسكان الفاء يقال فرد الرجل وفرد بالتخفيف والتشديد وأفرد وقد فسرهم رسول الله صلى الله عليه و سلم بالذاكرين الله كثيرا والذاكرات تقديره والذاكراته فحذفت الهاء هنا كما حذفت فى القرآن لمناسبة رؤس الآى ولأنه مفعول يجوز حذفه وهذا التفسير هو مراد الحديث قال بن قتيبه وغيره وأصل المفردين الذين هلك أقرانهم وانفردوا عنهم فبقوا يذكرون الله تعالى وجاء فى رواية هم الذين اهتزوا فى ذكر الله أى لهجوابه وقال بن الأعرابي يقال فرد الرجل اذا تفقه واعتزل وخلا بمراعاة الأمر والنهى
(17/4)