( باب فى الأدعية
 
[ 2716 ] قوله صلى الله عليه و سلم اللهم إنى أعوذ بك من شر ما عملت ومن شر مالم أعمل قالوا معناه من شر ما اكتسبته مما قد يقتضى عقوبة فى الدنيا أو يقتضى فى الآخرة وإن لم أكن

(17/38)

قصدته ويحتمل أن المراد تعليم الأمة الدعاء [ 2717 ] قوله صلى الله عليه و سلم اللهم لك أسلمت وبك آمنت معناه لك انقدت وبك صدقت وفيه اشارة إلى الفرق بين الايمان والاسلام وقد سبق إيضاحه فى أول كتاب الايمان وقوله صلى الله عليه و سلم وعليك توكلت أى فوضت أمرى اليك واليك أنبت أىأقبلت بهمتى وطاعتى وأعرضت عما سواك وبك خاصمت أى بك أحتج وأدافع وأقاتل [ 2718 ] قوله أن النبي صلى الله عليه و سلم كان إذا كان فى سفر وأسحر يقول سمع سامع بحمدالله وحسن بلائه ربنا صاحبنا وأفضل علينا عائذا بالله من النار أما أسحر فمعناه قام فى السحر أو انتهى فى سيره إلى السحر وهو آخر الليل واما سمع سامع فروى بوجهين أحدهما فتح الميم من سمع وتشديدها والثاني كسرها مع تخفيفها واختار القاضي هنا وفي المشارق وصاحب المطالع التشديد وأشار إلى أنه رواية أكثر رواة مسلم قالا ومعناه بلغ سامع قولي هذا لغيره وقال مثله تنبيها على الذكر في السحر والدعاء في ذلك وضبطه الخطابي وآخرون بالكسر والتخفيف قال الخطابي معناه شهد شاهد على حمدنا لله تعالى على نعمه وحسن بلائه وقوله ربنا صاحبنا وأفضل علينا أى احفظنا وحطنا واكلانا وأفضل علينا بجزيل نعمك واصرف عنا كل مكروه وقوله عائذا بالله من النار
(17/39)

منصوب على الحال أى أقول هذا فى حال استعاذتى واستجارتى بالله من النار [ 2719 ] قوله صلى الله عليه و سلم اللهم اغفر لى خطيئتى وجهلى وإسرافى إلى قوله وكل ذلك عندى أى أنا متصف بهذه الأشياء اغفرها إلى قيل قاله تواضعا وعد على نفسه فوات الكمال ذنوبا وقيل أراد ما كان عن سهو وقيل ما كان قبل النبوة وعلى كل حال فهو صلى الله عليه و سلم مغفور له ما تقدم من ذنبه وما تأخر فدعا بهذا وغيره تواضعا لأن الدعاء عبادة قال أهل اللغة الاسراف مجاوزة الحد قوله صلى الله عليه و سلم ( أنت المقدم وأنت المؤخر ) يقدم من يشاء من خلقه إلى رحمته بتوفيقه
(17/40)

ويوخر من يشاء عن ذلك لخذلانه [ 2721 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( اللهم انى أسألك الهدى والتقى والعفاف والغنى ) أما العفاف والعفة فهو التنزه عما لايباح والكف عنه والغنى هنا غنى النفس والاستغناء عن الناس وعما فى أيديهم [ 2722 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( اللهم آت نفسى تقواها وزكها أنت خير من زكاها أنت وليها ومولاها اللهم انى أعوذ بك من علم لا ينفع ومن قلب لايخشع ومن نفس لاتشبع ) هذا الحديث وغيره من الأدعية المسجوعة دليل لما قاله العلماء أن السجع المذموم فى الدعاء هوالمتكلف فانه يذهب الخشوع والخضوع والاخلاص ويلهى عن الضراعة والافتقار وفراغ القلب فأما ما حصل بلا تكلف ولا إعمال فكر لكمال الفصاحة ونحو ذلك أوكان محفوظا فلا بأس به بل هو حسن ومعنى نفس لاتشبع استعاذة من الحرص والطمع والشره وتعلق النفس بالآمال البعيدة ومعنى زكها طهرها ولفظة خير ليست للتفضيل بل معناه لا مزكى لها الا
(17/41)

أنت كما قال أنت وليها [ 2723 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( اللهم انى أعوذ بك من الكسل وسوء الكبر ) قال القاضي رويناه الكبر باسكان الباء وفتحها فالاسكان بمعنى التعاظم على الناس والفتح بمعنى الهرم والخرف والرد إلى أرذل العمر كما فى الحديث الآخر قال القاضي وهذا أظهر وأشهر بما قبله قال وبالفتح ذكره الهروى وبالوجهين ذكره الخطابى وصوب الفتح وتعضده رواية النسائى
(17/42)

وسوء العمر [ 2724 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( وغلب الأحزاب وحده ) أى قبائل الكفار المتحزبين عليهم وحده أى من غير قتال الآدميين بل أرسل عليهم ريحا وجنودا لم تروها قوله صلى الله عليه و سلم ( فلا شيء بعده ) أى سواه [ 2725 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( قل اللهم اهدني وسددنى واذكر بالهدى هدايتك الطريق والسداد سداد السهم ) أما السداد هنا بفتح السين وسداد السهم تقويمه ومعنى سددنى وفقنى واجعلنى منتصبا فى جميع أمورى مستقيما وأصل السداد الاستقامة والقصد فى الأمور وأما الهدى هنا فهو الرشاد ويذكر ويؤنث ومعنى اذكر بالهدى هدايتك الطريق
(17/43)

والسداد سداد السهم أى تذكر ذلك فى حال دعائك بهذين اللفظين لأن هادى الطريق لايزيغ عنه ومسدد السهم يحرص على تقويمه ولا يستقيم رميه حتى يقومه وكذا الداعي ينبغي أن يحرص على تسديد علمه وتقويمه ولزومه السنة وقيل ليتذكر بهذا لفظ السداد والهدى لئلا ينساه