( باب فى حديث الافك وقبول توبة القاذف )
 
[ 2770 ] قوله ( حدثنا حبان بن موسى ) هو بكسر الحاء وليس له فى صحيح مسلم ذكر الا فى هذا الموضع وقد أكثر عنه البخارى فى صحيحه قوله ( عن الزهري قال حدثنى سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعلقمة بن وقاص وعبيدالله بن عبد الله بن عتبة عن عائشة إلى قوله وكلهم حدثنى طائفة من الحديث وبعضهم أوعى لحديثها من بعض إلى قوله وبعض حديثهم يصدق بعضا ) هذا الذى ذكره الزهري من جمعه الحديث عنهم جائز لامنع منه ولا كراهة فيه لأنه قد بين أن بعض الحديث عن بعضهم وبعضه عن بعضهم وهؤلاء الاربعة أئمة حفاظ ثقات من أجل التابعين فاذا
(17/102)

ترددت اللفظة من هذا الحديث بين كونها عن هذا أو ذاك لم يضر وجاز الاحتجاج بها لأنهما ثقتان وقد اتفق العلماء على أنه لو قال حدثنى زيد أو عمرو وهما ثقتان معروفان بالثقة عند المخاطب جاز الاحتجاج به قوله ( وبعضهم أوعى لحديثها من بعض وأثبت اقتصاصا ) أى أحفظ وأحسن إيرادا وسردا للحديث قولها ( كان رسول الله صلى الله عليه و سلم اذا أراد سفرا أقرع بين نسائه ) هذا دليل لمالك والشافعى وأحمد وجماهير العلماء فى العمل بالقرعة فى القسم بين الزوجات وفى العتق والوصايا والقسمة ونحوذلك وقد جاءت فيها أحاديث كثيرة فى الصحيح مشهورة قال أبو عبيد عمل بها ثلاثة من الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين يونس وزكريا ومحمد صلى الله عليه و سلم قال بن المنذر استعمالها كالاجماع قال ولا معنى لقول من ردها والمشهور عن أبى حنيفة إبطالها وحكى عنه إجازتها قال بن المنذر وغيره القياس تركها لكن عملنا بها للآثار وفيه القرعة بين النساء عند إرادة السفر ببعضهن ولا يجوز أخذ بعضهن بغير قرعة هذا مذهبنا وبه قال أبو حنيفة وآخرون وهو رواية عن مالك وعنه رواية أن له السفر بمن شاء منهن بلا قرعة لأنها قد تكون أنفع له فى طريقه والأخرى أنفع له فى بيته وماله
(17/103)

قولها ( آذن ليلة بالرحيل ) روى بالمد وتخفيف الذال وبالقصر وتشديدها أى أعلم قولها ( وعقدى من جزع ظفار قد انقطع ) أما العقد فمعروف نحو القلادة والجزع بفتح الجيم واسكان الزاى وهو خرز يمانى وأما ظفار فبفتح الظاء المعجمة وكسر الراء وهى مبنية على الكسر تقول هذه ظفار ودخلت ظفار والى ظفار بكسر الراء بلاتنوين فى الأحوال كلها وهى قرية فى اليمن قولها ( وأقبل الرهط الذى كانوا يرحلون لى فحملوا هو دجى فرحلوه على بعيرى ) هكذا وقع فى أكثر النسخ لى باللام وفى بعض النسخ بى بالباء واللام أجود ويرحلون بفتح الياء واسكان الراء وفتح الحاء المخففة أى يجعلون الرحل على البعير وهو معنى قولها فرحلوه بتخفيف الحاء والرهط هم جماعة دون عشرة والهودج بفتح الهاء مركب من مراكب النساء قولها ( وكانت النساء إذ ذاك خفافا لم يهبلن ولم يغشهن اللحم انما يأكلن العلقة من الطعام ) فقولها يهبلن ضبطوه على أوجه أشهرها ضم الياء وفتح الهاء والباء المشددة أى يثقلن باللحم والشحم والثانى يهبلن بفتح الياء والباء وإسكان الهاء بينهما والثالث بفتح الياء وضم الباء الموحدة ويجوز بضم أوله وإسكان الهاء وكسر الموحدة قال أهل اللغة يقال هبله اللحم وأهبله اذا أثقله وكثرلحمه وشحمه وفي رواية البخارى لم يثقلن وهو بمعناه وهو أيضا المراد بقولها ولم يغشهن اللحم ويأكلن العلقة بضم العين أى القليل ويقال لها أيضا البلغة
(17/104)

قولها ( فتيممت منزلى ) أى قصدته قولها ( وكان صفوان بن المعطل ) هو بفتح الطاء بلا خلاف كذا ضبطه أبو هلال العسكرى والقاضى فى المشارق وآخرون قولها عرس من وراء الجيش فادلج ) التعريس النزول آخر الليل فى السفر لنوم أو استراحة وقال أبو زيد هو النزول أى وقت كان والمشهور الأول قولها ( ادلج ) بتشديد الدال وهو سير آخر الليل قولها ( فرأى سواد إنسان ) أى شخصه قولها ( فاستيقظت باسترجاعه ) أى انتبهت من نومى بقوله إنا لله وإنا إليه راجعون قولها ( خمرت وجهى ) أى غطيته قولها ( نزلوا موغرين فى نحر الظهيرة ) الموغر بالغين المعجمة النازل فى وقت الوغرة بفتح الواو واسكان الغين وهى شدة الحر كما فسرها فى الكتاب فى آخر الحديث وذكر هناك أن منهم من رواه موعرين بالعين المهملة وهو ضعيف ونحر الظهيرة وقت القائلة وشدة الحر قولها ( وكان الذى تولى كبره ) أى معظمه وهو بكسر الكاف على القراءة المشهورة وقرىء فىالشواذ بضمها وهى لغة قولها ( وكان الذى تولى كبره عبد الله بن أبى بن سلول ) هكذاصوابه بن سلول برفع بن وكتابته بالألف
(17/105)

صفة لعبد الله وقد سبق بيانه مرات وتقدم إيضاحه فى كتاب الايمان فى حديث المقداد مع نظائره قولها ( والناس يفيضون في قول أهل الافك ) أى يخوضون فيه والإفك بكسر الهمزة واسكان الفاء هذا هو المشهور وحكى القاضي فتحهما جميعا قال هما لغتان كنجس ونجس وهو الكذب قولها ( وهويريبنى أنى لاأعرف من رسول الله صلى الله عليه و سلم اللطف الذى كنت أرى منه ) يريبنى بفتح أوله وضمه يقال رابه وأرابه اذا أوهمه وشككه واللطف بضم اللام واسكان الطاء ويقال بفتحها معا لغتان وهو البر والرفق قولها ( ثم يقول كيف تيكم ) هي اشارة إلى المؤنثة كذلكم فى المذكر قولها ( خرجت بعد ما نقهت ) هو بفتح القاف وكسرها لغتان حكاهما الجوهرى فى الصحاح وغيره والفتح أشهر واقتصر عليه جماعة يقال نقه ينقه نقوها فهو ناقه ككلح يكلح كلوحا فهو كالح ونقه ينقه نقها فهو ناقه كفرح يفرح فرحا والجمع نقه بضم النون وبشديد القاف والناقه هو الذى أفاق من المرض ويبرأ منه وهو قريب عهد به لم يتراجع إليه كمال صحته قولها ( وخرجت مع أم مسطح قبل المناصع ) أما مسطح فبكسر الميم وأما المناصع فبفتحها وهى مواضع خارج المدينة كانوا يتبرزون فيها قولها ( قبل أن نتخذ الكنف ) هي جمع كنيف قال أهل اللغة الكنيف الساتر مطلقا قولها ( وأمرنا أمر العرب الأول فى التنزه ) ضبطوا الأول بوجهين أحدهما ضم الهمزة وتخفيف الواو والثانى الأول بفتح الهمزة وتشديد الواو وكلاهما
(17/106)

صحيح والتنزه طلب النزاهة بالخروج إلى الصحراء قولها ( وهى بنت أبى رهم وابنها مسطح بن أثاثه ) أما رهم فبضم الراء واسكان الهاء وأثاثه بهمزة مضمومة وثاء مثلثة مكررة ومسطح لقب واسمه عامر وقيل عوف كنيته أبوعباد وقيل أبو عبد الله توفى سنة سبع وثلاثين وقيل أربع وثلاثين واسم أم مسطح سلمى قولها ( فعثرت أم مسطح فى مرطها فقالت تعس مسطح ) أما عثرت فبفتح الثاء وأما تعس فبفتح العين وكسرها لغتان مشهورتان واقتصر الجوهرى على الفتح والقاضى على الكسر ورجح بعضهم الكسر وبعضهم الفتح ومعناه عثر وقيل هلك وقيل لزمه الشر وقيل بعد وقيل سقط بوجهه خاصة وأما المرط فبكسر الميم وهو كساء من صوف وقد يكون من غيره قولها ( أى هنتاه ) هي باسكان النون وفتحها الاسكان أشهر قال صاحب نهاية الغريب وتضم الهاء الأخيرة وتسكن ويقال فى التثنية هنتان وفى الجمع هنات وهنوات وفى المذكر هن وهنان وهنون ولك أن تلحقها الهاء لبيان الحركة فتقول ياهنه وأن تشبع حركة النون فتصير ألفا فتقول يا هناه ولك ضم الهاء فتقول يا هناه أقبل قالوا وهذه اللفظة تختص بالنداء ومعناه يا هذه وقيل يا امرأة وقيل يا بلهاء كأنها نسبت إلى قلة المعرفة بمكايد الناس وشرورهم ومن المذكور حديث الصبى بن معبد قلت يا هناه أنى حريص على الجهاد
(17/107)

والله أعلم قولها ( قلما كانت امرأة وضيئة عند رجل يحبها ولها ضرائر إلا كثرن عليها ) الوضيئة مهموزة ممدودة هي الجميلة الحسنة والوضاءةالحسن ووقع فى رواية بن ماهان حظية من الحظوة وهى الوجاهة وارتفاع المنزلة والضراير جمع ضرة وزوجات الرجل ضراير لأن كل واحدة تتضرر بالأخرى بالغيرة والقسم وغيره والاسم منه الضر بكسر الضاد وحكى ضمها وقولها ألا كثرن عليها هو بالثاء المثلثة المشددة أى أكثرن القول فى عيبها ونقصها قولها ( لا يرقأ لى دمع ) هو بالهمزة أى لاينقطع قولها ( ولا أكتحل بنوم ) أى لا أنام قولها استلبث الوحي أي أبطأ ولبث ولم ينزل قولها ( وأما على بن أبى طالب فقال لم يضيق الله عليك والنساء سواها كثير ) هذا الذى قاله على رضى الله عنه هو الصواب فى حقه لأنه رآه مصلحة ونصيحة للنبى صلى الله عليه و سلم فى اعتقاده ولم يكن ذلك فى نفس الأمر لأنه رأى انزعاج النبى صلى الله عليه و سلم بهذا الأمر وتقلقه فأراد راحة خاطره وكان ذلك أهم من غيره قولها
(17/108)

( والذى بعثك بالحق إن رأيت عليها أمرا قط أغمصه عليها أكثر من أنها جارية حديثة السن تنام عن عجين أهلها فتأتى الداجن فتأكله ) فقولها أغمصه بفتح الهمزة وكسر الميم وبالصاد المهملة أى أعيبها والداجن الشاة التى تألف البيت ولا تخرج للمرعى ومعنى هذا الكلام أنه ليس فيها شيء مما تسألون عنه أصلا ولا فيها شيء من غيره الا نومها عن العجين قولها ( فقام رسول الله صلى الله عليه و سلم على المنبر فاستعذر من عبد الله بن أبى بن سلول ) أما أبى منون وبن سلول بالالف وسبق بيانه وأما استعذر فمعناه أنه قال من يعذرنى فيمن آذانى فى أهلى كما بينه فى هذا الحديث ومعنى من يعذرنى من يقوم بعذرى ان كافأته على قبيح فعاله ولا يلومنى وقيل معناه من ينصرنى والعذير الناصر قولها ( فقام سعد بن معاذ فقال أنا أعذرك منه ) قال القاضي عياض هذا مشكل لم يتكلم فيه أحد وهو قولها فقام سعد بن معاذ فقال أنا أعذرك منه وكانت هذه القصة فى غزوة المريسيع وهى غزوة بنى المصطلق سنة ست فيما ذكره بن إسحاق ومعلوم أن سعد بن معاذ مات فى اثر غزاة الخندق من الرمية التى أصابته وذلك سنة أربع باجماع أصحاب السير الاشيئا قاله الواقدى
(17/109)

وحده قال القاضي قال بعض شيوخنا ذكر سعد بن معاذ فى هذا وهم والأشبه أنه غيره ولهذا لم يذكره بن إسحاق فى السير وانما قال ان المتكلم أولا وآخرا أسيد بن حضير قال القاضي وقد ذكر موسى بن عقبة أن غزوة المريسيع كانت سنة أربع وهى سنة الخندق وقد ذكر البخارى اختلاف بن إسحاق وبن عقبة قال القاضي فيحتمل أن غزاة المريسيع وحديث الافك كانا فى سنة أربع قبل قصة الخندق قال القاضي وقد ذكر الطبرى عن الواقدى أن المريسيع كانت سنة خمس قال وكانت الخندق وقريظة بعدها وذكر القاضي إسماعيل الخلاف فى ذلك وقال الأولى أن يكون المريسيع قبل الخندق قال القاضي وهذا لذكر سعد فى قصة الافك وكانت فى المريسيع فعلى هذا يستقيم فيه ذكر سعد بن معاذ وهو الذى فى الصحيحين وقول غير بن إسحاق فى غير وقت المريسيع أصح هذا كلام القاضي وهو صحيح قولها ( ولكن اجتهلته الحمية ) هكذا هو هنا لمعظم رواة صحيح مسلم اجتهلته بالجيم والهاء أى استخفته وأغضبته وحملته على الجهل وفى رواية بن ماهان هنااحتملته بالحاء والميم وكذا رواه مسلم بعد هذا من رواية يونس وصالح وكذا رواه البخارى ومعناه أغضبته فالروايتان صحيحتان قولها ( فثار الحيان الأوس والخزرج ) أى تناهضوا للنزاع والعصبية كما قالت حتى هموا أن يقتتلوا قوله صلى الله عليه
(17/110)

وسلم ( وان كنت ألممت بذنب فاستغفرى الله ) معناه ان كنت فعلت ذنبا وليس ذلك لك بعادة وهذا أصل اللمم قولها ( قلص دمعى ) هو بفتح القاف واللام أي ارتفع لاستعظام ما يعيينى من الكلام قولها لابويها ( أجيبا عنى ) فيه تفويض الكلام إلى الكبار لأنهم أعرف بمقاصده واللائق بالمواطن منه وأبواها يعرفان حالها وأما قول أبويها لاندرى ما نقول فمعناه أن الأمر الذى
(17/111)

سألها عنه لا يقفان منه على زائد على ما عند رسول الله صلى الله عليه و سلم قبل نزول الوحى من حسن الظن بها والسرائر إلى الله تعالى قولها ( ما رام رسول الله صلى الله عليه و سلم مجلسه ) أى ما فارقه قولها ( فأخذه ما كان يأخذه من البر حاء ) هي بضم الموحدة وفتح الراء وبالحاء المهملة والمد وهى الشدة قولها ( حتى انه ليتحدر منه مثل الجمان من العرق ) معنى ليتحدر لينصب والجمان بضم الجيم وتخفيف الميم وهو الدر شبهت قطرات عرقه صلى الله عليه و سلم بحبات اللؤلؤ فى الصفاء والحسن قولها ( فلما سرى عن رسول الله صلى الله عليه و سلم ) أى كشف وأزيل قولها ( فقالت لى أمى قومى فقلت والله لا أقوم إليه ولا أحمد الا الله هو الذى أنزل براءتى ) معناه قالت لها أمها قومى فاحمديه وقبلى رأسه واشكريه لنعمة الله تعالى التى بشرك فقالت عائشة ما قالت ادلالا عليه وعتبا لكونهم شكوا فى حالها مع علمهم بحسن طرائقها وجميل أحوالها وارتفاعها عن
(17/112)

هذا الباطل الذى افتراه قوم ظالمون ولا حجة له ولا شبهة فيه قالت وانما أحمد ربى سبحانه وتعالى الذى أنزل براءتى وأنعم على بما لم أكن أتوقعه كما قالت ولشأنى كان أحقر فى نفسى من أن يتكلم الله تعالى فى بأمر يتلى قوله عز و جل ( ولا يأتل أولوا الفضل منكم ) أى لايحلفوا والالية اليمين وسسبق بيانها قولها ( أحمى سمعى وبصرى ) أى أصون سمعى وبصرى من أن أقول سمعت ولم أسمع وأبصرت ولم أبصر قولها وهي التي كانت تساميني أي تفاخرنى وتضاهينى بجمالها ومكانها عند النبى صلى الله عليه و سلم وهى مفاعلة من السمو وهو الارتفاع قولها ( وطفقت أختها حمنة تحارب لها ) أى جعلت تتعصب لها فتحكى ما يقوله أهل الافك وطفق الرجل بكسرالفاء على المشهور وحكى فتحها وسبق بيانه
(17/113)

قوله ( ما كشفت من كنف أنثى قط ) الكنف هنا بفتح الكاف والنون أى ثوبها الذى يسترها وهو كناية عن عدم جماع النساء جميعهن ومخالطتهن قوله ( وفى حديث يعقوب موعرين ) يعنى بالعين المهملة وسبق بيانه وقوله فى تفسير عبد الرزاق الوغرة شدة الحر هي باسكان الغين وسبق بيانه قوله صلى الله عليه و سلم ( أشيروا على فى أناس أبنوا أهلى ) هو بباء موحدة
(17/114)

مفتوحة مخففة ومشددة رووه هنا بالوجهين التخفيف أشهر ومعناه اتهموها والأبن بفتح الهمزة يقال أبنه يأبنه ويأبنه بضم الباء وكسرها اذا اتهمه ورماه بخلة سوء فهو مأبون قالواوهو مشتق من الأبن بضم الهمزة وفتح الباء وهي العقد فى القسى تفسدها وتعاب بها قوله ( حتى أسقطوا لهابه فقالت سبحان الله ) هكذا هو فى جميع نسخ بلادنا أسقطوا لهابه بالباء التى هي حرف الجر وبهاء ضمير المذكر وكذا نقله القاضي عن رواية الجلودى قال وفى رواية بن ماهان لهاتها بالتاء المثناة فوق قال الجمهور هذا غلط وتصحيف والصواب الأول ومعناه صرحوا لها بالأمر ولهذا قالت سبحان الله استعظاما لذلك وقيل أتوا بسقط من القول فى سؤالها وانتهارها يقال أسقط وسقط فى كلامه اذا أتى فيه بساقط وقيل اذا أخطأ فيه وعلى رواية بن ماهان إن صحت معناها أسكتوها وهذا ضعيف لأنها لم تسكت بل قالت سبحان الله والله ما علمت عليها إلا ما يعلم الصائغ على تبر الذهب وهى القطعة الخالصة قولها ( وأماالمنافق عبد الله بن أبى فهو
(17/115)

الذى كان يستوشيه ) أى يستخرجه بالبحث والمسئلة ثم يفشيه ويشيعه ويحركه ولا ندعه بحمد والله أعلم واعلم أن فى حديث الافك فوائد كثيرة إحداها جواز رواية الحديث الواحد عن جماعة عن كل واحد قطعة مبهمة منه وهذا وأن كان فعل الزهري وحده فقد أجمع المسلمون علي قبوله منه والاحتجاج به الثانية صحة القرعة بين النساء وفى العتق وغيره مما ذكرناه فى أول الحديث مع خلاف العلماء الثالثة وجوب الاقراع بين النساء عند إرادة السفر ببعضهن الرابعة أنه لا يجب قضاء مدة السفر للنسوة المقيمات وهذا مجمع عليه اذا كان السفر طويلا وحكم القصير حكم الطويل على المذهب الصحيح وخالف فيه بعض أصحابنا الخامسة جواز سفر الرجل بزوجته السادسة جواز غزوهن السابعة جواز ركوب النساء في الهوادج الثامنة جواز خدمة الرجال لهن فى تلك الأسفار التاسعة أن ارتحال العسكر يتوقف على أمر الأمير العاشرة جواز خروج المرأة لحاجةالانسان بغير إذن الزوج وهذا من الأمور المستثناة الحادية عشر جواز لبس النساء القلائد فى السفر كالحضر الثانية عشر أن من يركب المرأة على البعير وغيره لا يكلمها إذا لم يكن محرما إلا لحاجة لأنهم حملوا الهودج ولم يكلموا من يظنونها فيه الثالثة عشر فضيلة الاقتصار فى الأكل للنساء وغيرهن وأن لايكثر منه بحيث يهبله اللحم لأن هذا كان حالهن فى زمن النبى صلى الله عليه و سلم وما كان فى زمانه صلى الله عليه و سلم فهو الكامل الفاضل المختار الرابعة عشر جواز تأخر بعض الجيش ساعة ونحوها لحاجة تعرض له عن الجيش اذا لم يكن ضرورة إلى الاجتماع الخامسة عشر إعانة الملهوف وعون المنقطع وإنقاذ الضائع وإكرام ذوى الأقدار كما فعل صفوان رضى الله عنه فى هذا كله السادسة عشر حسن الأدب مع الأجنبيات لاسيما فى الخلوة بهن عند الضرورة فى برية أو غيرها كما فعل صفوان من إبراكه الجمل من غير كلام ولاسؤال وانه ينبغى أن يمشى قدامها لا بجنبها ولا وراءها السابعة عشر استحباب الإيثار بالركوب ونحوه كما فعل صفوان الثامنة عشر استحباب الإسترجاع عند المصائب سواء كانت فى الدين أو الدنيا وسواء كانت فى نفسه أو من يعز عليه التاسعة عشر تغطية المرأة وجهها عن نظر
(17/116)

الأجنبى سواء كان صالحا أو غيره العشرون جواز الحلف من غير استحلاف الحادية والعشرون أنه يستحب أن يستر عن الانسان ما يقال فيه اذا لم يكن فى ذكره فائدة كما كتموا عن عائشة رضى الله عنها هذا الأمر شهرا ولم تسمع بعد ذلك إلا بعارض عرض وهو قول أم مسطح تعس مسطح الثانية والعشرون استحباب ملاطفة الرجل زوجته وحسن المعاشرة الثالثة والعشرون أنه اذا عرض عارض بأن سمع عنها شيئا أو نحو ذلك يقلل من اللطف ونحوه لتفطن هي أن ذلك لعارض فتسأل عن سببه فتزيله الرابعة والعشرون استحباب السؤال عن المريض الخامسة والعشرون أنه يستحب للمرأة اذا أرادت الخروج لحاجة أن تكون معها رفيقة تستأنس بها ولا يتعرض لها أحد السادسة والعشرون كراهة الانسان صاحبه وقريبه اذا أذى أهل الفضل أو فعل غير ذلك من القبائح كما فعلت أم مسطح فى دعائها عليه السابعة والعشرون فضيلة أهل بدر والذب عنهم كما فعلت عائشة في ذبها عن مسطح الثامنة والعشرون أن الزوجة لاتذهب إلى بيت أبويها ألا باذن زوجها التاسعة والعشرون جواز التعجب بلفظ التسبيح وقد تكرر فى هذا الحديث وغيره الثلاثون استحباب مشاورة الرجل بطانته وأهله وأصدقاءه فيما ينوبه من الأمور الحادية والثلاثون جواز البحث والسؤال عن الأمور المسموعة عمن له به تعلق أما غيره فهو منهى عنه وهو تجسس وفضول الثانية والثلاثون خطبة الامام الناس عند نزول أمر مهم الثالثة والثلاثون اشتكاءولى الأمر إلى المسلمين من تعرض له بأذى فى نفسه أو أهله أو غيره واعتذاره فيما يريد أن يؤذيه به الرابعة والثلاثون فضائل ظاهرة لصفوان بن المعطل رضى الله عنه بشهادة النبى صلى الله عليه و سلم له بما شهد وبفعله الجميل فى إركاب عائشة رضى الله عنها وحسن أدبه فى جملة القضية الخامسة والثلاثون فضيلة لسعد بن معاذوأسيد بن حضير رضى الله عنهما السادسة والثلاثون المبادرة إلى قطع الفتن والخصومات والمنازعات وتسكين الغضب السابعة والثلاثون قبول التوبة والحث عليها الثامنة والثلاثون تفويض الكلام إلى الكبار دون الصغار لأنهم أعرف التاسعة والثلاثون جواز الاستشهاد بآيات القرآن العزيز ولاخلاف أنه جائز الأربعون استحباب المبادرة بتبشير من تجددت له نعمة ظاهرة أو اندفعت عنه بلية ظاهرة الحادية والأربعون براءة عائشة رضى الله عنها من الافك وهى براءة قطعية بنص القرآن العزيز فلو تشكك فيها إنسان والعياذ بالله صار كافرا مرتدا باجماع المسلمين قال بن عباس وغيره لم تزن امرأة نبى من الأنبياء صلوات الله وسلامه
(17/117)

عليهم أجمعين وهذا إكرام من الله تعالى لهم الثانية والأربعون تجديد شكر الله تعالى عند تجدد النعم الثالثة والأربعون فضائل لأبى بكر رضى الله عنه فى قوله تعالى ولا يأتل أولوا الفضل منكم الآية الرابعة والأربعون استحباب صلة الأرحام وان كانوا مسيئين الخامسة والأربعون العفو والصفح عن المسىء السادسة والأربعون استحباب الصدقة والانفاق فى سبيل الخيرات السابعة والأربعون أنه يستحب لمن حلف على يمين ورأى خيرا منها أن يأتى الذى هو خير ويكفر عن يمينه الثامنة والأربعون فضيلة زينب أم المؤمنين رضى الله عنها التاسعة والأربعون التثبيت فى الشهادة الخمسون إكرام المحبوب بمراعاة أصحابه ومن خدمة أو أطاعة كما فعلت عائشة رضى الله عنها بمراعاة حسان واكرامه إكراما للنبى صلى الله عليه و سلم الحادية والخمسون أن الخطبة تبتدأ بحمد الله تعالى والثناء عليه بما هو أهله الثانية والخمسون أنه يستحب فى الخطب أن يقول بعد الحمد والثناء والصلاة على النبى صلى الله عليه و سلم والشهادتين أما بعد وقد كثرت فيه الأحاديث الصحيحة الثالثة والخمسون غضب المسلمين عند انتهاك حرمة أميرهم واهتمامهم بدفع ذلك الرابعة والخمسون جواز سب المتعصب لمبطل كما سب أسيد بن حضير سعد بن عبادة لتعصبه للمنافق وقال انك منافق تجادل عن المنافقين وأراد أنك تفعل فعل المنافقين ولم يرد النفاق الحقيقى