( باب طلب الكافر الفداء بملء الأرض ذهبا
 
[ 2805 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( يقول الله تعالى لأهون أهل النار عذابا لو كانت لك الدنيا وما فيها أكنت مفتديا بها فيقول نعم فيقول قد أردت منكم أهون من هذا وأنت فى صلب آدم أن لا تشرك إلى قوله فأبيت الا الشرك ) وفى رواية فيقال قد سئلت أيسر من ذلك وفى رواية فيقال كذبت قد سئلت أيسر من ذلك المراد أردت فى الرواية الأولى طلبت منك وأمرتك وقد أوضحه فى الروايتين الأخيرتين بقوله قد سئلت أيسر فيتعين تأويل أردت على ذلك جمعا بين الروايات لأنه يستحيل عند أهل الحق أن يريد الله تعالى شيئا فلا يقع ومذهب أهل الحق أن الله تعالى مريد لجميع الكائنات خيرها وشرها ومنها الايمان والكفر فهو سبحانه وتعالى مريد لايمان المؤمن ومريد لكفر الكافر خلافا للمعتزلة فى قولهم انه أراد إيمان الكافر ولم يرد كفره تعالى الله عن قولهم الباطل فانه يلزم من قولهم اثبات العجز فى حقه سبحانه وأنه وقع )
(17/147)

فى ملكه ما لم يرده وأما هذا الحديث فقد بينا تأويله وأما قوله فيقال له كذبت فالظاهر أن معناه أن يقال له لو رددناك إلى الدنيا وكانت لك كلها أكنت تفتدى بها فيقول نعم فيقال له كذبت قد سئلت أيسر من ذلك فأبيت ويكون هذا من معنى قوله تعالى ولو ردوا لعادوا لما نهوا عنه ولا بد من هذا التأويل ليجمع بينه وبين قوله تعالى ولو أن للذين ظلموا ما فى الأرض جميعا ومثله معه لافتدوا به من سوء العذاب يوم القيامة أى لو كان لهم يوم القيامة ما فى الأرض جميعا ومثله معه وأمكنهم الافتداء لافتدوا وفى هذا الحديث دليل على أنه يجوز أن يقول الانسان الله يقول وقد أنكره بعض السلف وقال يكره أن يقول الله يقول وانما يقال قال الله وقد قدمنا فساد هذا المذهب وبينا أن الصواب جوازه وبه قال عامة العلماء من السلف والخلف وبه جاء القرآن العزيز فى قوله تعالى والله يقول الحق وفى الصحيحين أحاديث كثيرة مثل هذا والله أعلم
(17/148)

[ 2807 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( فيصبغ فى النار صبغة ) الصبغة بفتح الصاد أى يغمس غمسة والبؤس بالهمز هو الشدة والله أعلم