( باب لن يدخل أحد الجنة بعمله بل برحمة الله تعالى )
 
[ 2816 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( لن ينجى أحدا منكم عمله قال رجل ولا إياك يا رسول الله قال ولااياى الا أن يتغمدنى الله منه برحمة ولكن سددوا ) وفى رواية برحمة منه وفضل وفى رواية بمغفرة ورحمة وفى رواية الاأن يتداركنى الله منه برحمة اعلم أن مذهب أهل السنة أنه لايثبت بالعقل ثواب ولاعقاب ولا أيجاب ولاتحريم ولاغيرها من أنواع التكليف ولاتثبت هذه كلها ولا
(17/159)

غيرها الابالشرع ومذهب أهل السنة أيضا أن الله تعالى لا يجب عليه شيء تعالى الله بل العالم ملكه والدنيا والآخرة فى سلطانه يفعل فيهما ما يشاء فلوا عذب المطيعين والصالحين أجمعين وأدخلهم النار كان عدلا منه واذا أكرمهم ونعمهم وأدخلهم الجنة فهو فضل منه ولو نعم الكافرين وأدخلهم الجنة كان له ذلك ولكنه أخبر وخبره صدق أنه لا يفعل هذا بل يغفر للمؤمنين ويدخلهم الجنة برحمته ويعذب المنافقين ويخلدهم فى النار عدلامنه وأما المعتزلة فيثبتون الأحكام بالعقل ويوجبون ثواب الأعمال ويوجبون الأصلح ويمنعون خلاف هذا فى خبط طويل لهم تعالى الله عن اختراعاتهم الباطلة المنابذة لنصوص الشرع وفى ظاهر هذه الأحاديث دلالة لأهل الحق أنه لايستحق أحد الثواب والجنة بطاعته وأما قوله تعالى ادخلوا الجنة بما
(17/160)

كنتم تعملون وتلك الجنة التى أورثتموها بما كنتم تعملون ونحوهما من الآيات الدالة على أن الأعمال يدخل بها الجنة فلا يعارض هذه الأحاديث بل معنى الآيات أن دخول الجنة بسبب الأعمال ثم التوفيق للاعمال والهداية للاخلاص فيها وقبولها برحمة الله تعالى وفضله فيصح أنه لم يدخل بمجرد العمل وهو مراد الأحاديث ويصح أنه دخل بالأعمال أى بسببها وهى من الرحمة والله أعلم ومعنى يتغمدنى برحمته يلبسنيها ويغمدنى بها ومنه أغمدت السيف وغمدته اذا جعلته
(17/161)

فى غمده وسترته به ومعنى سددوا وقاربوا اطلبوا السداد واعملوا به وان عجزتم عنه فقاربوه أي اقربوا منه والسداد الصواب وهو بين الافراط والتفريط فلا تغلوا ولا تفصروا