( باب فناء الدنيا وبيان الحشر يوم القيامة
 
[ 2858 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( والله ما الدنيا فى الآخرة إلا مثل ما يجعل أحدكم اصبعه هذه وأشار يحيى بالسبابة فلينظر بم ترجع ) وفى رواية واشار إسماعيل بالابهام هكذا هو فى نسخ بلادنا بالابهام وهى الأصبع العظمى المعروفة كذا نقله القاضي عن جميع الرواة إلا السمرقندى فرواه البهام قال وهو تصحيف قال القاضي ورواية السبابة أظهر من رواية الابهام وأشبه بالتمثيل لأن العادة الاشارة بها لا بالابهام ويحتمل أنه أشار بهذه مرة وهذه مرة واليم البحر وقوله بم ترجع ضبطوا ترجع بالمثناة فوق والمثناة تحت والأول اشهر ومن رواه بالمثناة تحت أعاد الضمير إلى أحدكم والمثناة فوق أعاده على الأصبع وهو الأظهر ومعناه لا يعلق بها كثير شيء من الماء ومعنى الحديث ما الدنيا بالنسبة إلى الآخرة فى قصر مدتها وفناء لذاتها ودوام الآخرة ودوام )
(17/192)

لذاتها ونعيمها إلاكنسبة الماء الذى يعلق بالاصبع إلى باقى البحر [ 2859 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( يحشر الناس يوم القيامة حفاة عراة غرلا ) الغرل بضم الغين المعجمة واسكان الراء معناه غير مختونين جمع أغرل وهو الذى لم يختن وبقيت معه غرلته وهى قلفته وهى الجلدة التى تقطع فى الختان قال الأزهرى وغيره هو الأغرل والأرغل والأغلف بالغين المعجمة فى الثلاثة والأقلف والأعرم بالعين المهملة وجمعه غرل ورغل وغلف وقلف وعرم والحفاة جمع حاف والمقصود أنهم يحشرون كما خلقوا لاشىء معهم ولا يفقد منهم شيء حتى الغرلة تكون معهم قوله صلى
(17/193)

الله عليه وسلم ( سيجاء برجال من أمتى إلى آخره ) هذا الحديث قد سبق شرحه فى كتاب الطهارة وهذه الرواية تؤيد قول من قال هناك المراد به الذين ارتدوا عن الاسلام [ 2861 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( يحشر الناس على ثلاث طرائق راغبين راهبين واثنان على بعير وثلاثة على بعير وأربعة على بعير وعشرة على بعير وتحشر بقيتهم النار تبيت معهم حيث باتوا وتقيل معهم حيث قالوا وتصبح معهم حيث أصبحوا وتمسى معهم حيث أمسوا ) قال العلماء وهذا الحشر فى آخر الدنيا قبيل القيامة
(17/194)

وقبيل النفخ فى الصور بدليل قوله صلى الله عليه و سلم بقيتهم النار تبيت معهم وتقيل وتصبح وتمسى وهذا آخر أشراط الساعة كما ذكر مسلم بعد هذا فى آيات الساعة قال وآخر ذلك نار تخرج من قعر عدن ترحل الناس وفى رواية تطرد الناس إلى محشر هم والمراد بثلاث طرائق ثلاث فرق ومنه قوله تعالى اخبارا عن الجن كنا طرائق قددا أى فرقا مختلفة الأهواء