( باب ذكر الدجال |
قد سبق فى شرح خطبة الكتاب بيان اشتقاقه وغيره وسبق فى كتاب الصلاة بيان تسميته المسيح واشتقاقه والخلاف فى ضبطه قال القاضي هذه الأحاديث التى ذكرها مسلم وغيره فى قصة الدجال حجة لمذهب أهل الحق فى صحة وجوده وأنه شخص بعينه ابتلى الله به عباده وأقدره على أشياء من مقدورات الله تعالى من احياء الميت الذى يقتله ومن ظهور زهرة الدنيا والخصب معه وجنته وناره ونهريه واتباع كنوز الأرض له وأمره السماء أن تمطر فتمطر والأرض أن تنبت فتنبت فيقع كل ذلك بقدرة الله تعالى ومشيئته ثم يعجزه الله تعالى بعد ذلك فلايقدر على قتل ذلك الرجل ولاغيره ويبطل أمره ويقتله عيسى صلى الله عليه و سلم ويثبت الله الذين آمنوا هذا مذهب أهل السنة وجميع المحدثين والفقهاء والنظار خلافا لمن أنكره وأبطل أمره من الخوارج والجهمية وبعض المعتزلة وخلافا للبخارى المعتزلى وموافقيه من الجهمية وغيرهم فى أنه صحيح الوجود ولكن الذى يدعى مخارف وخيالات لاحقائق لها وزعموا أنه لو كان حقا لم يوثق بمعجزات الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم وهذا غلط من جميعهم لأنه لم يدع النبوة )
(18/58) فيكون ما معه كالتصديق له وانما يدعي الالهية وهو فى نفس دعواه مكذب لها بصورة حاله ووجود دلائل الحدوث فيه ونقص صورته وعجزه عن ازالة العور الذى فى عينيه وعن ازالة الشاهد بكفره المكتوب بين عينيه ولهذه الدلائل وغيرها لايغتر به الارعاع من الناس لسد الحاجة والفاقة رغبة فى سد الرمق أو تقية وخوفا من أذاه لأن فتنته عظيمة جدا تدهش العقول وتحير الألباب مع سرعة مروره فى الأمر فلايمكث بحيث يتأمل الضعفاء حاله ودلائل الحدوث فيه والنقص فيصدقه من صدقه فى هذه الحالة ولهذا حذرت الأنبياء صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين من فتنته ونبهوا على نقصه ودلائل ابطاله وأما أهل التوفيق فلا يغترون به ولايخدعون لما معه لما ذكرناه من الدلائل المكذبة له مع ما سبق لهم من العلم بحالة ولهذا يقول له الذى يقتله ثم يحييه ما ازددت فيك الابصيرة هذا آخر كلام القاضي رحمه الله [ 169 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( ان الله تبارك وتعالى ليس بأعور ألاوإن المسيح الدجال أعور العين اليمنى كأن عينه عنبة طافئة ) أما طافئة (18/59) فرويت بالهمز وتركه وكلاهما صحيح فالمهموزة هي التى ذهب نورها وغير المهموزة التى نتأت وطفت مرتفعة وفيها ضوء وقد سبق فى كتاب الايمان بيان هذا كله وبيان الجمع بين الروايتين وأنه جاء فى رواية أعور العين اليمنى وفى رواية اليسرى وكلاهما صحيح والعور فى اللغة العيب وعيناه معيبتان عورا وأن احداهما طافئة بالهمز لاضوء فيها والأخرى طافية بلا همزة ظاهرة ناتئة وأما قوله صلى الله عليه و سلم ان الله تعالى ليس بأعور والدجال أعور فبيان لعلامة بينة تدل على كذب الدجال دلائل قطعية بديهية يدركها كل أحد ولم يقتصر على كونه جسما أو غير ذلك من الدلائل القطعية لكون بعض العوام لايهتدى اليها والله أعلم [ 2933 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( مكتوب بين عينيه كافر ثم تهجاها فقال ك ف ر يقرأه كل مسلم ) وفى رواية يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب الصحيح الذى عليه المحققون أن هذه الكتابة على ظاهرها وأنها كتابة حقيقة جعلها الله آية وعلامة من جملة العلامات القاطعة بكفره وكذبه وابطاله ويظهرها الله تعالى لكل مسلم كاتب وغير كاتب ويخفيها عمن أراد شقاوته وفتنتة ولاامتناع فى ذلك وذكر القاضي فيه خلافا (18/60) منهم من قال هي كتابة حقيقة كما ذكرنا ومنهم من قال هي مجاز واشارة إلى سمات الحدوث عليه واحتج بقوله يقرأه كل مؤمن كاتب وغير كاتب وهذا مذهب ضعيف [ 2934 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( معه جنة ونار فجنته نار وناره جنة ) وفى رواية نهران وفى رواية ماء ونار قال العلماء هذا من جملة فتنته امتحن الله تعالى به عباده ليحق الحق ويبطل الباطل ثم يفضحه ويظهر للناس عجزه قوله صلى الله عليه و سلم ( فاما أدركن أحد فليأت النهر الذى يراه نارا ) هكذا هو فى أكثر النسخ أدركن وفى بعضها أدركه وهذا الثانى ظاهر وأما الأول فغريب من حيث العربية لأن هذه النون لاتدخل على الفعل قال القاضي ولعله يدركن يعنى فعبره بعض الرواة وقوله يراه بفتح الياء وضمها قوله صلى الله عليه و سلم ( ممسوح العين عليها ظفرة غليظة ) هي بفتح الظاء المعجمة والفاء وهى جلدة تغشى البصر وقال (18/61) الأصمعى لحمة تنبت عند المآقى [ 2937 ] قوله ( سمع النواس بن سمعان ) بفتح السين وكسرها قوله ( ذكر رسول الله صلى الله عليه و سلم الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه فى طائفة النخل ) هو بتشديد الفاء فيهما وفي معناه قولان أحدهما أن خفض بمعنى حقر وقوله رفع أى عظمه وفخمه فمن تحقيره وهو انه على الله تعالى عوره ومنه قوله صلى الله عليه و سلم هو أهون على الله من ذلك وأنه لايقدر على قتل أحد إلا ذلك الرجل ثم يعجز عنه وأنه يضمحل أمره ويقتل بعد ذلك هو وأتباعه ومن تفخيمه وتعظيم فتنته والمحنة به هذه الامور الخارقة للعادة وأنه ما من نبى الاوقد أنذره قومه والوجه الثانى أنه خفض من صوته فى حال الكثرة فيما تكلم فيه فخفض بعد طول الكلام والتعب ليستريح ثم رفع ليبلغ صوته كل أحد قوله (18/63) صلى الله عليه و سلم ( غير الدجال أخوفنى عليكم ) هكذا هو فى جميع نسخ بلادنا أخوفنى بنون بعد الفاء وكذا نقله القاضي عن رواية الأكثرين قال ورواه بعضهم بحذف النون وهما لغتان صحيحتان ومعناهما واحد قال شيخنا الامام أبو عبد الله بن مالك رحمه الله تعالى الحاجة داعية إلى الكلام فى لفظ الحديث ومعناه فأما لفظه لكونه تضمن ما لا يعتاد من اضافة أخوف إلى ياء المتكلم مقرونة بنون الوقاية وهذا الاستعمال انما يكون مع الأفعال المتعدية والجواب أنه كان الأصل اثباتها ولكنه أصل متروك فنبه عليه فى قليل من كلامهم وأنشد فيه أبياتا منها ما أنشده الفراء ... فما أدري فظنى كل ظن ... أمسلمتى إلى قومى شراحي ... ( يعنى شراحيل فرخمه فى غير الندا للضرورة وأنشد غيره ... وليس الموافينى ليرفد خائبا ... فان له أضعاف ما كان أملا ) ولأفعل التفضيل أيضا شبه بالفعل وخصوصا بفعل التعجب فجاز أن تلحقه النون المذكورة فى الحديث كما لحقت فى الأبيات المذكورة هذا هو الأظهر فى هذه النون هنا ويحتمل أن يكون معناه أخوف لى فأبدلت النون من اللام كما أبدلت فى لعن وعن بمعنى لعل وعل وأما معنى الحديث ففيه أوجه أظهرها أنه من أفعل التفضيل وتقديره غير الدجال أخوف مخوفاتى عليكم ثم حذف المضاف إلى الياء ومنه أخوف ما أخاف على أمتى الأئمة المضلون معناه أن الأشياء التى أخافها على أمتى أحقها بأن تخاف الأئمة المضلون والثانى بأن يكون أخوف من أخاف بمعنى خوف ومعناه غير الدجال أشد موجبات خوفى عليكم والثالث أن يكون من باب وصف المعانى بما يوصف به الأعيان على سبيل المبالغة كقولهم فى الشعر الفصيح شعر شاعر وخوف فلان أخوف من خوفك وتقديره خوف غير الدجال أخوف خوفى عليكم ثم حذف المضاف الأول (18/64) ثم الثانى هذا آخر كلام الشيخ رحمه الله قوله صلى الله عليه و سلم ( انه شاب قطط ) هو بفتح القاف والطاء أى شديد جعودة الشعر مباعد للجعودة المحبوبة قوله صلى الله عليه و سلم ( أنه خارج خلة بين الشام والعراق ) هكذا فى نسخ بلادنا خلة بفتح الخاء المعجمة واللام وتنوين الهاء وقال القاضي المشهور فيه حلة بالحاء المهملة ونصب التاء يعنى غير منونة قيل معناه سمت ذلك وقبالته وفى كتاب العين الحلة موضع حزن وصخور قال ورواه بعضهم حلة بضم اللام وبهاء الضمير أى نزوله وحلوله قال وكذا ذكره الحميدى فى الجمع بين الصحيحين قال وذكره الهروى خلة بالخاء المعجمة وتشديد اللام المفتوحتين وفسره بأنه ما بين البلدين هذا آخر ماذكره القاضي وهذا الذى ذكره عن الهروى هو الموجود فى نسخ بلادنا وفى الجمع بين الصحيحين أيضا ببلادنا وهو الذى رجحه صاحب نهاية الغريب وفسره بالطريق بينهما قوله ( فعاث يمينا وعاث شمالا ) هو بعين مهملة وثاء مثلثة مفتوحة وهو فعل ماض والعيث الفساد أو أشد الفساد والاسراع فيه يقال منه عاث يعيث وحكى القاضي أنه رواه بعضهم فعاث بكسر الثاء منونة اسم فاعل وهو بمعنى الأول قوله صلى الله عليه و سلم ( يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر ايامه كأيامكم ) قال العلماء هذا الحديث على ظاهره وهذه الأيام الثلاثة طويلة على هذا القدر المذكور فى الحديث يدل عليه قوله صلى الله عليه و سلم وسائر أيامه كأيامكم (18/65) وأما قولهم يا رسول الله فذلك اليوم الذى كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم قال لا أقدروا له قدره فقال القاضي وغيره هذا حكم مخصوص بذلك اليوم شرعه لنا صاحب الشرع قالوا ولولا هذا الحديث ووكلنا إلى اجتهادنا لاقتصرنا فيه على الصلوات الخمس عند الأوقات المعروفة فى غيره من الأيام ومعنى أقدروا له قدره أنه اذا مضى بعد طلوع الفجر قدر ما يكون بينه وبين الظهر كل يوم فصلوا الظهر ثم اذا مضى بعده قدر ما يكون بينها وبين العصر فصلوا العصر واذا مضى بعد هذا قدر ما يكون بينها وبين المغرب فصلوا المغرب وكذا العشاء والصبح ثم الظهر ثم العصر ثم المغرب وهكذا حتى ينقضى ذلك اليوم وقد وقع فيه صلوات سنة فرائض كلها مؤداة فى وقتها وأما الثانى الذى كشهر والثالث الذى كجمعة فقياس اليوم الأول أن يقدر لهما كاليوم الأول على ما ذكرناه والله أعلم قوله صلى الله عليه و سلم ( فتروح عليهم سارحتهم اطول ما كانت ذرا وأسبغه ضروعا وامده خواصر ) أما تروح فمعناه ترجع آخر النهار والسارحة هي الماشية التى تسرح أى تذهب أول النهار إلى المرعى وأما الذرى فبضم الذال المعجمة وهى الأعالى والأسنمة جمع ذروة بضم الذال وكسرها وقوله ( واسبغة ) بالسين المهملة والغين المعجمة أى أطوله لكثرة اللبن وكذا أمده خواصر لكثرة امتلائها من الشبع قوله صلى الله عليه و سلم ( فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ) هي ذكور النحل هكذا فسره بن قتيبة وآخرون قال القاضي المراد جماعة النحل لاذكورها خاصة لكنه كنى (18/66) عن الجماعة باليعسوب وهو أميرها لأنه متى طار تبعته جماعته والله أعلم قوله صلى الله عليه و سلم ( فيقطعه جزلتين رمية الغرض ) بفتح الجيم على المشهور وحكى بن دريد كسرها أى قطعتين ومعنى رمية الغرض أنه يجعل بين الجزلتين مقدار رميته هذا هو الظاهر المشهور وحكى القاضي هذا ثم قال وعندى أن فيه تقديما وتأخيرا وتقديره فيصيبه اصابة رمية الغرض فيقطعه جزلتين والصحيح الأول قوله ( فينزل عند المنارة البيضاء شرقى دمشق بين مهرودتين ) أما المنارة فبفتح الميم وهذه المنارة موجودة اليوم شرقى دمشق ودمشق بكسر الدال وفتح الميم وهذا هو المشهور وحكى صاحب المطالع كسر الميم وهذا الحديث من فضائل دمشق وفى عند ثلاث لغات كسر العين وضمها وفتحها والمشهور الكسر وأما المهروذتان فروى بالدال المهملة والذال المعجمة والمهملة أكثر والوجهان مشهوران للمتقدمين والمتأخرين من أهل اللغة والغريب وغيرهم وأكثر ما يقع فى النسخ بالمهملة كما هو المشهور ومعناه لابس مهروذتين أى ثوبين مصبوغين بورس ثم بزعفران وقيل هما شقتان والشقة نصف الملاءة قوله صلى الله عليه و سلم ( تحدر منه جمان كاللؤلؤ ) الجمان بضم الجيم وتخفيف الميم هي حبات من الفضة تصنع على هيئة اللؤلؤ الكبار والمراد يتحدر منه الماء على هيئة اللولؤ فى صفاته فسمى الماء جمانا لشبهه به فى الصفاء قوله صلى الله عليه و سلم ( فلايحل لكافر يجد ريح نفسه الامات ) هكذا الرواية فلا يحل بكسر الحاء ونفسه بفتح الفاء ومعنى لا يحل لا يمكن ولا يقع وقال القاضي معناه عندى حق وواجب قال ورواه بعضهم بضم الحاء (18/67) وهو وهم وغلط قوله صلى الله عليه و سلم ( يدركه بباب لد ) هو بضم اللام وتشديد الدال مصروف وهو بلدة قريبة من بيت المقدس قوله صلى الله عليه و سلم ( ثم يأتى عيسى صلى الله عليه و سلم قوما قد عصمهم الله منه فيمسح عن وجوههم ) قال القاضي يحتمل ان هذا المسح حقيقة على ظاهره فيمسح على وجوههم تبركا وبرا ويحتمل أنه اشارة إلى كشف ما هم فيه من الشدة والخوف قوله تعالى ( أخرجت عبادا لى لايدان لأحد بقتالهم فحرز عبادى إلى الطور ) فقوله لايدان بكسر النون تثنية يد قال العلماء معناه لا قدرة ولا طاقة يقال مالى بهذا الأمر يد ومالى به يدان لأن المباشرة والدفع انما يكون باليد وكان يديه معدومتان لعجزه عن دفعه ومعنى حرزهم إلى الطور أى ضمهم واجعله لهم حرزا يقال أحرزت الشيء أحرزه إحرازا اذا حفظته وضممته اليك وصنته عن الأخذ ووقع فى بعض النسخ حزب بالحاء والزاى والباء أى أجمعهم قال القاضي وروى حوز بالواو والزاى ومعناه نحهم وأزلهم عن طريقهم إلى الطور قوله ( وهم من كل حدب ينسلون ) الحدب النشز وينسلون يمشون مسرعين قوله صلى الله عليه و سلم ( فيرسل الله تعالى (18/68) عليهم النغف فى رقابهم فيصبحون فرسى ) النغف بنون وغين معجمة مفتوحتين ثم فاء وهو دود يكون فى أنوف الابل والغنم الواحدة نغفة والفرسى بفتح الفاء مقصور أى قتلى واحدهم فريس قوله ( ملأه زهمهم ونتنهم ) هو بفتح الهاء أى دسمهم ورائحتهم الكريهة قوله صلى الله عليه و سلم ( لايكن منه بيت مدر ) أى لايمنع من نزول الماء بيت المدر بفتح الميم والدال وهو الطين الصلب قوله صلى الله عليه و سلم ( فيغسل الأرض حتى يتركها كالزلفة ) روى بفتح الزاى واللام والقاف وروى الزلفة بضم الزاى واسكان اللام وبالفاء وروى الزلفة بفتح الزاى واللام وبالفاء وقال القاضي روى بالفاء والقاف وبفتح اللام وباسكانها وكلها صحيحة قال فى المشارق والزاى مفتوحة واختلفوا فى معناه فقال ثعلب وابو زيد وآخرون معناه كالمرآة وحكى صاحب المشارق هذا عن بن عباس أيضا شبهها بالمرآة فى صفائها ونظافتها وقيل كمصانع الماء أى ان الماء يستنقع فيها حتى تصير كالمصنع الذى يجتمع فيه الماء وقال أبو عبيد معناه كالاجانة الخضراء وقيل كالصحفة وقيل كالروضة قوله صلى الله عليه و سلم ( تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها ) العصابة الجماعة وقحفها بكسر القاف هو مقعر قشرها شبهها بقحف الرأس وهو الذى فوق الدماغ وقيل ما انفلق من جمجمته وانفصل قوله صلى الله عليه و سلم ( ويبارك فى الرسل حتى ان اللقحة من الابل لتكفى الفئام من الناس ) الرسل بكسر الراء واسكان السين هو اللبن واللقحة (18/69) بكسر اللام وفتحها لغتان مشهورتان والكسر أشهر وهى القريبة العهد بالولادة وجمعها لقح بكسر اللام وفتح القاف كبركة وبرك واللقوح ذات اللبن وجمعها لقاح والفئام بكسر الفاء وبعدها همزة ممدودة وهى الجماعة الكثيرة هذا هو المشهور والمعروف فى اللغة وكتب الغريب ورواية الحديث أنه بكسر الفاء وبالهمز قال القاضي ومنهم من لايجيز الهمز بل يقوله بالياء وقال فى المشارق وحكاه الخليل بفتح الفاء وهى رواية القابسى قال وذكره صاحب العين غير مهموز فأدخله فى حرف الياء وحكى الخطابى أن بعضهم ذكره بفتح الفاء وتشديد الياء وهو غلط فاحش قوله صلى الله عليه و سلم ( لتكفى الفخذ من الناس ) قال أهل اللغة الفخذ الجماعة من الأقارب وهم دون البطن والبطن دون القبيلة قال القاضي قال بن فارس الفخذ هنا باسكان الخاء لا غير فلا يقال الا باسكانها بخلاف الفخذ التى هي العضو فانها تكسر وتسكن قوله صلى الله عليه و سلم ( فتقبض روح كل مؤمن وكل مسلم ) هكذا هو فى جميع نسخ مسلم وكل مسلم بالواو قوله صلى الله عليه و سلم ( يتهارجون تهارج الحمير ) أى يجامع الرجال النساء بحضرة الناس كما يفعل الحمير ولا يكترثون لذلك والهرج بإسكان الراء الجماع يقال هرج زوجته أي جامعها يهرجها بفتح الراء وضمها وكسرها قوله صلى الله عليه و سلم ( يسيرون حتى (18/70) ينتهوا إلى جبل الخمر ) هو بخاء معجمة وميم مفتوحتين والخمر الشجر الملتف الذى يستر من فيه وقد فسره فى الحديث بأنه جبل بيت المقدس [ 2938 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة ) هو بكسر النون أى طرقها وفجاجها وهو جمع نقب وهو الطريق بين جبلين قوله صلى الله عليه و سلم ( فيقتله ثم يحييه ) قال المازرى ان قيل اظهار المعجزة على يد الكذاب ليس بممكن وكيف ظهرت هذه الخوارق للعادة على يده فالجواب أنه إنما يدعى (18/71) الربوبية وأدلة الحدوث تخل ما ادعاه وتكذبه وأما النبى فانما يدعى النبوة وليست مستحيلة فى البشر فاذا أتى بدليل لم يعارضه شيء صدق وأما قول الدجال أرأيتم ان قتلت هذا ثم أحييته أتشكون فى الأمر فيقولون لافقد يستشكل لأن ما أظهره الدجال لادلالة فيه لربوبيته لظهور النقص عليه ودلائل الحدوث وتشوية الذات وشهادة كذبة وكفره المكتوبة بين عينيه وغير ذلك ويجاب بنحو ما سبق فى أول الباب هو أنهم لعلهم قالوا خوفا منه وتقية لاتصديقا ويحتمل أنهم قصدوا لانشك فى كذبك وكفرك فان من شك فى كذبه وكفره كفر وخادعوه بهذه التورية خوفا منه ويحتمل أن الذين قالوا لانشك هم مصدقوه من اليهود وغيرهم ممن قدر الله تعالى شقاوته قوله ( قال أبو إسحاق يقال ان هذا الرجل هو الخضر عليه السلام ) أبو إسحاق هذا هو ابراهيم بن سفيان راوى الكتاب عن مسلم وكذا قال معمر فى جامعة فى أثر هذا الحديث كما ذكره بن سفيان وهذا تصريح منه بحياة الخضر عليه السلام وهو الصحيح وقد سبق فى بابه من كتاب المناقب و المسالح قوم معهم سلاح يرتبون فى المراكز كالخفر أسموا (18/72) بذلك لحملهم السلاح قوله صلى الله عليه و سلم ( فيأمر الدجال به فيشبح فيقول خذوه وشجوه ) فالأول بشين معجمة ثم باء موحدة ثم حاء مهملة أى مدوه على بطنه والثانى شجوه بالجيم المشددة من الشج وهو الجرح فى الرأس والوجه الثانى فيشج كالأول فيقول خذوه وشبحوه بالباء والحاء والثالث فيشج وشجوه كلاهما بالجيم وصحح القاضي الوجه الثانى وهو الذى ذكره الحميدى فى الجمع بين الصحيحين والأصح عندنا الأول وأما قوله ( فيوسع ظهره ) فباسكان الواو وفتح السين قوله صلى الله عليه و سلم ( فيؤشر بالمئشار من مفرقة ) هكذا الرواية (18/73) يؤشر بالهمز والمئشار بهمزة بعد الميم وهو الأفصح ويجوز تخفيف الهمزة فيهما فيجعل فى الأول واوا وفى الثانى ياء ويجوز المنشار بالنون وعلى هذا يقال نشرت الخشبة وعلى الأول يقال أشرتها ومفرق الرأس بكسر الراء وسطه والترقوة بفتح التاء وضم القاف وهى العظم الذى بين ثغرة النحر والعاتق [ 2939 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( وما ينصبك ) هو بضم الياء على اللغة المشهورة أى ما يتعبك من أمره قال بن دريد يقال أنصبه المرض وغيره ونصبه والأولى أفصح قال وهو تغير الحال من مرض أو تعب قوله ( قلت يارسول الله انهم يقولون ان معه الطعام والأنهار وقال هو أهون على الله من ذلك ) قال القاضي معناه هو أهون على الله من أن يجعل ما خلقه الله تعالى على يده مضلا للمؤمنين ومشككا لقلوبهم بل انما جعله له ليزداد الذين آمنوا ايمانا ويثبت الحجة على الكافرين والمنافقين (18/74) ونحوهم وليس معناه أنه ليس معه شيء من ذلك [ 2940 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( فيبعث الله عيسى بن مريم ) أى ينزله من السماء حاكما بشر عنا وقد سبق بيان هذا في كتاب الايمان قال القاضي رحمه الله تعالى نزول عيسى عليه السلام وقتله الدجال حق وصحيح عند أهل السنة للاحاديث الصحيحة فى ذلك وليس فى العقل ولافى الشرع ما يبطله فوجب اثباته وأنكر ذلك بعض المعتزلة والجهيمة ومن وافقهم وزعموا أن هذه الأحاديث مردودة بقوله تعالى وخاتم النبيين وبقوله صلى الله عليه و سلم لا نبي بعدى وباجماع المسلمين أنه لانبى بعد نبينا صلى الله عليه و سلم وأن شريعته مؤبدة إلى يوم القيامة لاتنسخ وهذا استدلال فاسد لأنه ليس المراد بنزول عيسى عليه السلام أنه ينزل نبيا بشرع ينسخ شرعنا ولا فى هذه الأحاديث ولافى غيرها شيء من هذا (18/75) بل صحت هذه الأحاديث هنا وما سبق فى كتاب الايمان وغيرها أنه ينزل حكما مقسطا بحكم شرعنا ويحيى من أمور شرعنا ما هجرة الناس قوله ( فى كبد جبل ) أى وسطه وداخله وكبد كل شيء وسطه قوله صلى الله عليه و سلم ( فيبقى شرار الناس فى خفة الطير وأحلام السباع ) قال العلماء معناه يكونون فى سرعتهم إلى الشرور وقضاء الشهوات والفساد كطيران الطير وفى العدوان وظلم بعضهم بعضا فى أخلاق السباع العادية قوله صلى الله عليه و سلم ( أصغى ليتا ورفع ليتا ) الليت بكسر اللام وآخره مثناة فوق وهى صفحة العنق وهى جانبه وأصغى أمال قوله صلى الله عليه و سلم ( وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله ) أى يطينه ويصلحه قوله ( كأنه الطل أو (18/76) الظل ) قال العلماء الأصح الطل بالمهملة وهو الموافق للحديث الآخر أنه كمنى الرجال قوله ( فذلك يوم يكشف عن ساق ) قال العلماء معناه ومعنى ما فى القرآن يوم يكشف عن ساق يوم يكشف عن شدة وهول عظيم أى يظهر ذلك يقال كشفت الحرب عن ساقها اذا اشتدت وأصله أن من جد فى أمره كشف عن ساقه مستمرا فى الخفة والنشاط له (18/77) |