( باب تشميت العاطس وكراهة التثاؤب
 
يقال شمت بالشين المعجمة والمهملة لغتان مشهورتان المعجمة أفصح قال ثعلب معناه بالمعجمة أبعد الله عنك الشماتة وبالمهملة هو من السمت وهو القصد والهدى وقد سبق بيان التشميت وأحكامه فى كتاب السلام ومواضع واجتمعت الامة على أنه مشروع ثم اختلفوا فى ايجابه فأوجبه أهل الظاهر وبن مريم من المالكية على كل من سمعه لظاهر قوله صلى الله عليه و سلم فحق على كل مسلم سمعه أن يشمته قال القاضي والمشهور من مذهب مالك أنه فرض كفاية قال وبه قال جماعة من العلماء كرد السلام ومذهب الشافعى وأصحابه وآخرين أنه سنة وأدب وليس بواجب ويحملون الحديث عن الندب والادب كقوله صلى الله عليه و سلم حق على كل مسلم أن يغتسل فى كل سبعة أيام قال القاضي واختلف العلماء فى كيفية الحمد والرد واختلفت فيه الآثار فقيل يقول الحمد لله وقيل الحمد لله رب العالمين وقيل الحمد لله على كل حال وقال بن جرير هو مخير بين هذا كله وهذا هو الصحيح وأجمعوا على أنه مأمور بالحمد لله وأما لفظ التشميت فقيل يقول يرحمك الله وقيل يقول الحمد لله يرحمك الله وقيل يقول يرحمنا الله واياكم قال واختلفوا فى رد العاطس على المشمت فقيل يقول يهديكم الله ويصلح بالكم وقيل يقول يغفر الله لنا ولكم وقال )
(18/120)

مالك والشافعى يخير بين هذين وهذا هو الصواب وقد صحت الاحاديث بهما قال ولو تكرر العطاس قال مالك يشمته ثلاثا ثم يسكت [ 2991 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( اذا عطس أحدكم فحمد الله فشمتوه فإن لم يحمد الله فلا تشمتوه ) هذا تصريح بالامر بالتشميت اذا حمد العاطس وتصريح بالنهى عن تشميته اذا لم يحمده فيكره تشميته اذا لم يحمد فلو حمد ولم يسمعه الانسان لم يشمته وقال مالك لايشمته حتى يسمع حمده قال فان رأيت من يليه شمته فشمته قال القاضي قال بعض شيوخنا وانما أمر العاطس بالحمد لما حصل له من المنفعة بخروج ما اختنق فى دماغه من الابخرة قوله ( دخلت على أبي موسى وهو فى بيت ابنه الفضل بن عباس ) هذه البنت هي أم كلثوم بنت
(18/121)

الفضل بن عباس امرأة أبى موسى الاشعرى تزوجها بعد فراق الحسن بن على لها وولدت لأبى موسى ومات عنها فتزوجها بعده عمران بن طلحة ففارقها وماتت بالكوفة ودفنت بظاهرها [ 2994 ] قوله صلى الله عليه و سلم ( التثاوب من الشيطان ) أى من كسله وتسببه وقيل أضيف إليه لأنه يرضيه وفى البخارى أن النبى صلى الله عليه و سلم قال ان الله تعالى يحب العطاس ويكره التثاوب قالوا لان العطاس يدل علىالنشاط وخفة البدن والتثاوب بخلافه لانه يكون غالبا مع ثقل البدن وامتلائه واسترخائه وميله إلى الكسل واضافته إلى الشيطان لانه الذى يدعو إلى الشهوات والمراد التحذير من السبب الذى يتولد منه ذلك وهو التوسع فى المأكل واكثار الاكل واعلم أن التثاؤب ممدود قوله صلى الله عليه و سلم ( اذا تثاوب أحدكم فليكظم ما استطاع ) ووقع ها هنا فى بعض
(18/122)

النسخ تثاءب بالمد مخففا وفى أكثرها تثاوب بالواو كذا وقع فى الروايات الثلاث بعد هذه تثاوب بالواو قال القاضي قال ثابت ولايقال تثاءب بالمد مخففا بل تثأب بتشديد الهمزة قال بن دريد أصله من تثأب الرجل بالتشديد فهو مثوب اذا استرخى وكسل وقال الجوهرى يقال تثاءبت بالمد مخففا على تفاعلت ولايقال تثاوبت وأما الكظم فهو الامساك قال العلماء أمر بكظم التثاوب ورده ووضع اليد على الفم لئلا يبلغ الشيطان مراده من تشويه صورته ودخوله فمه وضحكه منه والله أعلم